ليس الاستثمار في الإنسان الإماراتي مجرد شعار تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة، بل هو جوهر عقيدة وطنية متجذرة في عمق التكوين الإماراتي منذ إنشاء الدولة في مطلع سبعينيات القرن الماضي. فمؤسس هذه الدولة الفتية وباني نهضتها الوالد القائد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي دائماً ما نتذكر مقولته الخالدة «إن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون، وإن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره»، أدرك باكراً، بما امتلكه من حكمة كبيرة وبصيرة نافذة وقدرة استثنائية على استشراف المستقبل، بل وصناعته، أن المواطن هو أغلى ثروات الوطن، وأن بناءه علمياً وعملياً، وتسليحه بأرقى العلوم والمعارف والقيم، وفتح مختلف آفاق تطوير الذات أمامه، وتحفيزه على إطلاق طاقاته الإبداعية الخلاقة في مختلف المجالات، هي حجر الأساس لمسيرة الوحدة والنهضة التي أطلقها، وهي الضامن لاستدامة تلك المسيرة العظيمة والحفاظ على مكتسباتها ورفدها بالمزيد من الإنجازات الرائدة والقياسية بما يحقق آمال وطموحات شعب هذه الأرض الطيبة عبر الأجيال المتعاقبة. إن نهج الوالد زايد، رحمه الله، في تمكين أبناء الإمارات وبناتها كافة من مواصلة ارتقاء قمم الريادة والسعادة، على نحو يصون راية الإمارات الشامخة خفاقة في مختلف ميادين الإنجاز والفخر والأمجاد، ويعزز من المكانة المرموقة التي تحظى بها دولة الإمارات العربية المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية، لهو نهج راسخ تصرّ قيادتنا الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على مواصلته بكل إخلاص وتفانٍ. ويزخر الواقع الإماراتي بما لا يحصى من الشواهد الدالة على حجم ونوع الجهود العظيمة التي تبذلها قيادتنا الرشيدة في هذا النطاق، ولعل أبرزها الاهتمام الاستثنائي بقطاع التعليم بشتى فروعه ومجالاته العلمية منها والتكنولوجية والمهنية والإنسانية والثقافية وحتى الأخلاقية، إلى جانب المبادرات والمشروعات الضخمة والمبتكرة التي تتبناها الدولة بتوجيهات من القيادة الرشيدة في سبيل تطوير التعليم وكوادره ومختلف أدواته، بما يواكب أحدث المعايير العالمية وصولاً إلى أن يكون النظام التعليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة واحداً من أفضل النظم التعليمية في العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد تجسيداً لـ«رؤية الإمارات 2021». ولا شك في أن تطوير المنظومة التعليمية هو جزء لا يتجزأ من مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الدولة، والتي تتطلب مواصلة الاستثمار في بناء كوادر مواطنة واعية ومثقفة ومؤهلة ومتميزة في مختلف المجالات والميادين، بما يضمن للإمارات العبور الآمن إلى المستقبل الواعد الذي ينتظرها. وضمن هذا الإطار، يمتلئ المشهد الإماراتي باستمرار بمظاهر الحراك التطويري المبتكر والمكثف بغية الاستثمار في الكوادر المواطنة في المجالات كافة، وضمن هذا الإطار جاء مؤخراً الحديث أن جامعة الإمارات تستعد للاحتفال بتخريج الطبيب المواطن رقم 1000 من كلية الطب والعلوم الصحية، وسط إقبال كبير من أبناء الدولة على دراسة الطب، حيث خرجت الجامعة منذ تأسيسها حتى الآن نحو 899 طبيباً، يشغلون العديد من المهام والمناصب والوظائف في المؤسسات الطبية والصحية في الدولة، في حين تقدم إلى امتحانات القبول هذا العام نحو 500 طالب وطالبة من حملة الثانوية العامة لاختيار 120 طالباً وطالبة. كما يأتي مشروع «معلم المستقبل» الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، مؤخراً، ليصب في الإطار ذاته، حيث يخصص هذا المشروع منحاً دراسية كاملة للطلبة المتميزين من المواطنين والمقيمين العرب في الدولة، في تخصصات الرياضيات والإحصاء والكيمياء، بهدف تخريج دفعة جديدة من المعلمين بكفاءة عالية ليكونوا معلمي المستقبل في الدولة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية