يتميز سوق العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة بمستوى متقدم من التنافسية، أساسه التنوع الكبير في كل قطاعاته، وهو ما يسهم في تحسين بنية الاقتصاد ومردود إنتاجيته بكفاءة وتقدم، وهو ما تثبته التقارير الاقتصادية الدولية على اختلاف مسمياتها. ولعل أحد المؤشرات المهمة في هذا السياق تحويلات المقيمين العاملين في الدولة، حيث تشير البيانات الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي إلى أنها بلغت خلال النصف الأول من عام 2017، مبلغ (66) مليار درهم، بنمو وصل إلى 10% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2016، كما زادت تحويلات القطاع الخاص إلى الخارج بنسبة بلغت 6%، وبقيمة مقدارها (6,8) مليار درهم خلال عام 2016، مقارنة مع قيمتها في عام 2015، وهي التي قدّرت حينها بـ(113.3) مليار درهم، وهذا يعتبر مؤشراً مهماً على نمو الاقتصاد الوطني وقطاعاته الحيوية. كما يشير النمو الحاصل في حجم التحويلات في الوقت ذاته، إلى تحسن في أداء قطاعات سوق الصرافة وقطاعات المال والأعمال، وتحسن في مستويات السيولة النقدية المتوافرة للسكان بالدولة، التي أظهرت ارتفاعاً بنسبة 7.9% وبقيمة 4.9 مليار درهم خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017. الوجه الآخر لهذه المؤشرات هو نجاح الدولة في توفير بيئة عمل مثالية تستقطب أصحاب المهارات والكفاءات، وبحسب استطلاع أجراه «بيت.كوم» و«يوغوف» مؤخراً حول مؤشر ثقة المستهلك، فقد جاءت أغلبية توقعات المقيمين في الإمارات إيجابية حول مستقبل اقتصاد الدولة عموماً وأوضاعهم المالية خصوصاً، واعتقد نحو ثلث المجيبين أن اقتصاد الدولة شهد تطوراً كبيراً، وأنه سيستمر في التطور في الفترات المقبلة، كونهم يلاحظون تحسناً في وضعهم ووضع عائلاتهم المالي، وعبر (51%) منهم عن رضاهم تجاه فرص النمو والرواتب والبدلات الحالية. ولأن دولة الإمارات حريصة على اعتماد خطة شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقويته، فإنها لا تتوانى عن الاهتمام بالعنصر البشري كمورد أساسي في تحقيق أهدافها في ذلك، مؤكدة في سياساتها الاقتصادية أن الاستثمار في الكفاءات الوطنية، واستقطاب أصحاب المهارات من الخارج، هو السبيل الأنجع لتحقيق مكانة منافسة لها بين الأمم، وقد نجحت هذه السياسة في جعل الإمارات المكان المفضل للعيش والإقامة، وليس أدل على ذلك من أنها تضم ملايين العاملين المقيمين على أراضيها، والقادمين من ثقافات ودول يصل عددها إلى أكثر من مائتي جنسية، تجذبهم فيها فرص العمل في شتى القطاعات والمشاريع والأنشطة الاقتصادية. إن دولة الإمارات تضع ضمن أولوياتها الوطنية العمل على تحسين ظروف العمال الأجانب، وتوفير البيئة المثالية التي تشجعهم على الإنتاج، فقد صدقت الدولة تسع اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بحقوق العمال، ووقعت على مذكرات تفاهم ثنائية مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة المرسلة للعمالة من أجل حماية حقوقهم. وشرّعت القوانين الخاصة بحماية حقوق العمال، بما في ذلك قضايا الأجور والسكن والضمان الصحي وبيئة العمل، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لصندوق دعم ضحايا الاتجار بالبشر. كما كان للإمارات السبق بين دول المنطقة في سن قانون يحظر العمل في أوقات الظهيرة خلال أشهر الصيف منعاً لتعرض العمال للإنهاك الحراري وضربات الشمس الضارة وحرصاً على سلامتهم، وتمضي إجراءاتها في هذا الشأن بشكل مستمر من وحي دينها ودستورها وأخلاقها في المقام الأول والأخير. إن أهم ما يميز نهج دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في حماية العمالة الوافدة وصيانة حقوقها وكرامتها، أن سياستها في هذا الشأن تتسم بالاستدامة والتطور المستمر، وتستند إلى مبادئ وقيم اجتماعية ودستورية وتشريعية وأخلاقية راسخة، ولذلك لا تتوقف المبادرات والإجراءات التي تقوم بها المؤسسات الإماراتية المعنية، وتهدف إلى تحسين أوضاع العمالة الوافدة وفق أرقى المعايير العالمية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية