تجمع العديد من المعطيات التي تثبت تورط قطر في دعم الإرهاب، ويوماً إثر آخر تضاف شواهد جديدة على عبث الدوحة وارتباط خزينتها المالية وسياستها الداخلية والخارجية بجماعات التطرف بجناحيها العسكري والسياسي، وكان ملف دعم قطر للإرهاب يكبر باستمرار مع تزايد ظهور الأدلة وربط السلوك القطري بالوقائع التي تجري على الأرض إلى جانب المعلومات التي تم كشفها عن الاتصالات القطرية المباشرة مع مجموعات إرهابية بهدف زعزعة أمن دول الخليج. وفي دراسة مهمة أنجزها ونشرها «مركز المزماة للدراسات والبحوث»، من خلال التركيز على أرقام وإحصائيات العمليات الإرهابية خلال عام، لوحظ حصول تغيرات في نسبة الحوادث الإرهابية بعد القرار الخليجي والمصري بمقاطعة قطر، وشملت التغيرات ارتفاع عدد العمليات الإرهابية بعد المقاطعة مقارنة بالمعدل الشهري لحوادث الإرهاب، كما لوحظ استهداف الإرهاب لمصر والسعودية بشكل أساسي، إضافة إلى البحرين. وطبقاً للدراسة فإن الحدث الأبرز كان محاولة استهداف الحرم المكي ليلة 29 رمضان، والتي استطاعت القوات الأمنية السعودية إحباطها، وبالتزامن مع ما سبق برزت للمرة الأولى بعد قرار المقاطعة محاولة اختراق المياه الإقليمية السعودية من قبل الحرس الثوري الإيراني بهدف القيام بعمليات إرهابية. ومع التحركات الملحوظة لخلايا التطرف، ركزت الدوحة على القيام بتحركات دبلوماسية للبحث عن منقذ خارجي في ظل إصرارها على التمسك بسياسة دعم الإرهاب. ويبدو أن قطر لم تكن تتوقع أن يردعها أحد أو يواجهها بحقائق احتضانها ودعمها المالي والإعلامي واللوجستي للجماعات الإرهابية في أماكن متفرقة، بما فيها احتضان العاصمة القطرية لرموز متطرفة مطلوبة للعدالة. ونتيجة لاعتياد قطر على السير في هذا الطريق منذ سنوات دون أن تتلقى اعتراضات، تظن الآن أنها سوف تستمر في عبثها التقليدي القائم على استمالة ورعاية التنظيمات والشخصيات الإرهابية لتحويلها إلى أذرع للنفوذ القطري. في حين كان على الدوحة أن تدرك أن صناعة النفوذ عبر دعم الإرهاب لا يدوم ولا يمتلك مقومات الاستمرارية، وأن لحظة الحسم والمصارحة من قبل دول الإقليم كانت مسألة وقت لا أكثر، لأن العبث بأمن الخليج خط أحمر وغير قابل للتهاون مهما كانت الذرائع التي تتحجج بها الدوحة. أما التهريج والسخرية والإنكار فمن سمات المفلسين الذين يعجزون عن تبرئة أنفسهم من الأخطاء التي يرتكبونها. وعندما نتأمل ردود الأفعال القطرية منذ أن تم اتخاذ إجراءات المقاطعة الوقائية، نلاحظ أن الأداء الدبلوماسي والإعلامي القطري يعيش حالة من الغيبوبة عن الواقع، ويلجأ لتخدير القطريين واستعطاف مشاعرهم بالحديث عن وهم المظلومية والترويج لمفردة «الحصار»، في ظل إصرار الدوحة على عدم التخلي عن دعم جماعات التطرف والإرهاب. بينما كان على القنوات الرسمية في قطر أن تتعامل مع الموقف الخليجي والمصري الرافض لدعمها للإرهاب بقدر من المسؤولية ومراجعة الذات، والشروع الفوري في القيام بإصلاحات جذرية في السياسة القطرية، تقوم على وقف رعاية الإرهاب والكف عن تمويل جماعاته، والقيام بما يترتب على ذلك من إجراءات عملية لإنهاء احتضان الدوحة لرموز التطرف والمتاجرة بالدين. لكن وبدلاً من التعامل الجاد مع الموقف، نجد أن التخبط القطري في التعامل مع الأزمة يدين الدوحة ويورطها أكثر، بالنظر إلى عدم امتلاكها براهين تنفي دعمها للإرهاب، وبالنظر إلى المستوى الهزيل من التعاطي مع لائحة المطالب الخليجية والمصرية التي تم تسليمها لقطر عبر الوسيط الكويتي، والتي بدلاً من التعاطي معها بجدية، قوبلت بالإنكار والاعتماد في دحض بنودها على السذاجة والتهرب من الحقائق التي تدين قطر من خلال تتبع أداء السياسة القطرية خلال أكثر من عقدين. كما لجأت قطر وبحماقة إلى تسريب المطالب الخليجية بهدف تقويضها والتهرب من تلبيتها، في حين كان من المفترض أن تبقى سرية بهدف البدء بالتفاوض. وفي سياق تهرب قطر من استحقاق التوقف عن دعم الإرهاب، اعتمد الإعلام القطري على منهج غسل عقول القطريين وتوظيف المقابلات والدراما لهذا الغرض، وفي حالة تبعث على الرثاء، تم استخدام ممثل قطري معروف لتقديم حلقات درامية بغية الاستهزاء بحجم الورطة التي وقعت فيها قطر، لكن التهريج القطري مهما تلونت أشكاله لا ينفي جريمة دعم الدوحة للإرهاب. ------------------ *كاتب إماراتي