تبيع الآن شركة «ستورج لابس إنك» عملات رقمية بقيمة 50 سنتاً لكل قطعة، بهدف جمع 30 مليون دولار في مرحلة أولية من حملة أطلقتها لجمع تمويلات واستقطاب الاستثمار فيها. وفي غضون خمسة أيام فقط سجل مئات المساهمين لشراء العملات التي يأملون أن تصبح هي العملة الوحيدة التي ستكون متداولة في المستقبل في وادي السيليكون. غير أن المثير للاهتمام هو أنه على النقيض من الاستثمارات الرأسمالية في المشاريع التقليدية، فإن العملات الرمزية لا تمنح أي حق في أسهم «ستورج» أو أرباحها المستقبلية. وبدلاً من ذلك، تستمد العملات الرمزية قيمتها من استخدامها في تطبيق الشركة، عن طريق إتاحة الوصول إلى بيانات مخزنة على شبكة موزعة، وتمثل أحدث المدخلات في سجل العملات المشفرة التي تزايد وجودها مؤخراً، أو العملات الرقمية التي تفتح تطبيقات لا حصر لها في عالم الكمبيوتر. وتلك العملات قابلة للتداول في عشرات «الصرافات» عبر الإنترنت، وقد بات الطلب هائلاً على أنواعها كافة، مع تكهن كثير من الناس بأنها ستصبح هي الانطلاقة التكنولوجية الكبرى المقبلة. ويرى «بارت ستيفنز»، المدير المفوض في شركة «بلوك تشين كابيتال»، للاستثمار الخاص، أن المستثمر العادي ربما لم يحظ بفرصة الاستثمار في شركات مثل «أوبر» أو «إير بي إن بي»، ولذا فإذا ما قررت شركات من ذلك النوع إصدار عملات رمزية، فإنها ستكون فرصة لمزيد من المستثمرين لكي يصلوا إلى أكثر قطاعات التكنولوجيا إثارة للاهتمام. وصفقة «ستورج» أطلق عليها اسم «طرح عملة أولي»، وهو نموذج تمويل منتشر في أرجاء قطاع التكنولوجيا. وقد أنفق المستثمرون 332 مليون دولار على العملات الرمزية في العام الماضي، وهو ما يزيد على ضعف ما قدمته الشركات الاستثمارية التي تميل عادة إلى المجازفة في جولات جمع الأموال، بحسب بيانات جمعتها مدونة «ذا كنترول»، التي تركز على العملات الرقمية. ومن المرتقب أن يصل حجم التمويل إلى 600 مليون دولار في 2017، وهو ما يعزز سوق العملات الرمزية التي زادت إلى ثلاثة أضعاف خلال العام الماضي. وقد أضحى «طرح العملات الأولي» ممكناً بفضل تكنولوجيا «بلوك تشين»، وهو مصطلح يطلق على السجل الرقمي الذي يعمل على تخزين لا يشوبه فساد للمعاملات المالية. وقد أنفقت البنوك والبورصات ملايين الدولارات على تلك التكنولوجيا، بحثاً عن سبل لتقليص نفقات تحويل الأموال أو تسجيل مبيعات الأسهم. وكان من بين أحدث من أيدوا تكنولوجيا «بلوك تشين» الجديدة «أبيجيل جونسون» الرئيس التنفيذي لشركة «فيديلتي إنفستنتمنتس». والزيادة الكبيرة في الشهرة التي تحظى بها هذه التكنولوجيا لا يعكر صفوها سوى قلة من المتشائمين الذين يحذرون من حدوث فقاعة، ويساورهم القلق من أن جاذبية البحث عن الورقة الرابحة في قطاع التكنولوجيا قد تغذي مضاربات ضخمة. وبالطبع، فدواعي ذلك القلق ماثلة في وقت يخشى فيه المستثمرون من التقييمات المبالغ فيها لشركات التكنولوجيا. ولنأخذ على سبيل المثال شركة «جنوسيس»، التي أصدرت تطبيق توقعات يعتمد على تكنولوجيا «بلوك تشين»، وجمعت 12.5 مليون دولار في 12 دقيقة في 24 أبريل الماضي، وهو ما رفع رأسمالها السوقي إلى 300 مليون دولار، على رغم أنها لم تحقق أية إيرادات، وليس لديها أكثر من ورقة بيضاء تصف فيه ما تنوي القيام به. بيد أن عملاتها الرمزية، التي ستمكن الناس من الرهان على أشياء مثل نتائج الانتخابات، قفزت قيمتها ثمانية أضعاف في غضون ثلاثة أسابيع منذ الثاني من شهر مايو، وهو ما يمنح الشركة قيمة تزيد على ملياري دولار! وتعتبر قفزة «جنوسيس» جزءاً من حالة الهوس التي سيطرت على سوق العملات المشفرة خلال الشهر الماضي، مع ارتفاع سعر «البتكوين» بأكثر من 30 في المئة ليصل إلى أكثر من 2500 دولار. وقد دفع ذلك سوق رسملة العملات الرقمية للارتفاع أكثر من 50 في المئة ليصل إلى أكثر من 90 مليار دولار. كاميلا روسو كاتب في الشؤون الاقتصادية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس