ماكينة «الإخوان» الإعلامية والدعوية تقوم على تشويه الرموز والإساءة إلى سمعة الأوطان. تضع جماعة «الإخوان» مشروعها السياسي على خلق صورة غير الحقيقة، لكي تتسلل إلى النفوس وتشعل الأحقاد. لا يريدون أن يصفوا النجاح إلا بأنه فشل لكي يقدموا أنفسهم بصفة المخلصين. لا يهمهم الصح من الغلط، ولكن المهم لديهم أن يخلقوا بيئة الحقد والتنافر لعلهم ينفذون من خلالها إلى العقول ومنها إلى الحكم والمصالح. هذه سلوكيات لا مكان لها في ترفع الأديان أو الحديث عن الوطنية الحقيقية لأن القلوب حين يسودها الظلام والحقد والكراهية تفقد البصر والبصيرة، وتتوه في غيابات الضلال، فيصبح الدين عندها أحقاداً، وتصبح الأوطان وسيلة ارتزاق وتجارة وخداع. أصبح لديّ يقين بأن رموز «الإخوان» قد تمادت بهم مشاعر الضلال والحقد، وتحولوا إلى أدوات تخريب ودمار لكل شيء، رغم أنهم صوروا للعالم يوماً أنهم حركة دينية سلمية تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يطالبنا ديننا الحنيف. جريمة «الإخوان» الحقيقية أنهم تصوروا أن لا شيء بعدهم غير الطوفان، وإما أن نكون أو لا يكون الوطن، ولا أدري أين مشاعر الوطنية التي تجعل الإنسان يفرط في كل شيء، الدين والأخلاق والمواطنة، من أجل هدف سياسي مشبوه أو صفقة دولارات يبيع بها الدين والضمير والأخلاق. هل هذا آخر ما وصل إليه فكر «الإخوان» أن يدمروا الوطن الذي صنعته عيون الشعب ودماؤه؟ هل هذه هي الوطنية؟ وهل هذا هو الانتماء؟ وكيف تسربت هذه الأفكار المجنونة إلى عقول شباب في مقتبل العمر تحت دعاوى الجهاد ونصرة الإسلام بالباطل؟ تحت أي شعارات الوطنية تشوه جماعة «الإخوان» صورة الإسلام في الخارج؟ هل هذه صورة العرب والمسلمين التي يخرج منها فريق لتشويه صورة الإسلام والأوطان؟ هل شاهدنا يوماً مواطناً فرنسياً يسب فرنسا في أحد ميادين لندن؟ هل رأينا يوماً جماعة سياسية ألمانية تسب رئيسها في واشنطن أو باريس؟ هل رأينا يوماً حزباً سياسياً هندياً يلعن الهنود في بكين أو طهران؟ كان «الإخوان» يتبرؤون دائماً من أعمال العنف ويدعون أنهم جماعة سلمية لا تقبل الإرهاب والتطرف، وأن دعوتهم إلى الله ولا يريدون شيئاً من متاع الدنيا الزائل، فماذا يقولون الآن عن الأوامر التي تصدر لعناصرهم بالقتل والتخريب والإرهاب؟ ماذا يقولون عن مصانع المتفجرات التي تكتشف كل يوم في بيوتهم؟ ماذا يقولون عن المئات من الضحايا من الأبرياء الذين يتساقطون في الأحياء والبيوت جراء أعمال إجرامية وحشية تستهدف الأبرياء والبسطاء؟ تحت أي دين تستباح دماء الناس؟ وأي وطنية تلك التي تسعى لتخريب البلاد وتنشر الفتن والاعتداء على أرواح الناس؟ في أي كتاب تدخل هذه الأعمال، في الفكر السياسي أم الفكر الديني؟ أم فكر الإرهاب والإرهابيين؟ ماذا يقول «الإخوان» عن مجازر سوريا ومذابح العراق ومآسي الشعب الليبي وكوارث اليمن؟ إنهم يقيمون المؤتمرات في الخارج ليس لدعم الأوطان أو إنقاذ شعوبها أو حل مشاكلها، ولكن للتآمر عليها وتشويه صورة شعبها. ماذا ترك «الإخوان» للتنظيمات الدينية الإرهابية ابتداء ب«داعش» وانتهاء ب«القاعدة»؟ إن «داعش» تقترب من بغداد وتهدد دمشق وتحارب في ليبيا واليمن، فهل اتفقت حشود الشر حيث لم يبق أمامهم غير دمار الأوطان العربية أولاً ونشر الإرهاب في العالم ثانياً؟ هل من الحكمة أن تقف جماعة «الإخوان» مع قوافل «داعش» و«القاعدة» والتنظيمات الإرهابية التي دمرت تراث هذه الأمة وشوهت تاريخها تحت دعاوى الإسلام؟ بماذا نفسر زيادة أعداد الملحدين في العالم الإسلامي وكراهية الناس لدينهم وخروجهم منه؟ الإرهاب هو الإرهاب حتى لو بدل الأقنعة وتخفى في ثياب الدين والسياسة. كيف لمجموعة من أبناء الوطن أن تقع في هذا المستنقع الرهيب من الكراهية ضد وطنهم وشعبهم ودينهم وجيشهم، وأن يفقدوا القدرة على التمييز بين حق الوطن وأمراض السياسة، بين جوهر الانتماء وأعراض الخراب؟ سؤالي هنا إلى متى ستدعم بعض الدول هذه الجماعات؟ إلى متى تخرج من الأوطان العربية فرق تسافر إلى الخارج وتعقد المؤتمرات واللقاءات لتشويه صورة رموزنا وشعوبنا؟ هل كل من فشل في تحقيق أجندة «الإخوان» في الجولات السابقة سيقوم بتدمير كل شيء حتى لو كان شعباً ووطناً ومستقبلاً؟ إذا كانت تجربة جماعة «الإخوان» شوهت صورة بعض الدول العربية في أعين الناس، فإن الشيء المؤكد أن أكبر خسائرها اليوم هو ما خسرته شعبياً ودينياً، وإنها تحتاج الآن لعشرات السنين لتحسين صورتها أمام أبناء الخليج أولاً وأبناء الشعوب العربية ثانياً، هذا إن تمكنت من تحسين صورتها أبداً. لقد ضللت جماعة «الإخوان» حشوداً كثيرة من الشباب وشوهت قيمة عظيمة من ثوابت الأوطان، تتمثل في الانتماء لتراب الوطن. ولكن الأفكار الشريرة شوهت معنى الانتماء، وجعلت هذا الشباب يكره وطنه ويسعى إلى خراب كل شيء فيه. فقد اعتدنا دائماً على رؤية أبناء الأوطان وهم يقدمون الدماء فداء لترابه، ويتساقطون كالنجوم وهم يضيئون سماءه.. حفظ الله شعوب العالم من أجندة «الإخوان» وداعميهم. مهره سعيد المهيري *كاتبة إماراتية