في إطار اتفاق الميزانية الذي حظي بدعم الحزبين وسيحول دون إغلاق حكومي، اتفق الكونجرس وإدارة ترامب على عدم خفض أي من البرامج الاجتماعية التي كان المرشح والرئيس ترامب يريد تقليصها. غير أنهما اتفقا، بالمقابل، على دعوة الرئيس إلى زيادة طلب الإنفاق على الدفاع 2017، عبر إضافة نحو 15 مليار دولار إلى صندوق الحرب التابع للبنتاجون، حساب «عمليات الطوارئ في الخارج». والحال أن هذه الزيادة، ورغم أنها لا تمثل سوى نصف ما يقول الرئيس ترامب إن الجيش يحتاجه، فإنها كانت غير ضرورية، بل وتأتي بنتائج عكسية لدفاعنا القومي. فأولاً، الـ593 مليار دولار في مشروع قانون المخصصات المالية هي بعيدة كل البعد عن الإجمالي الذي سيتم إنفاقه على الأمن القومي في 2017. ذلك أن الرقم لا يشمل الـ21 مليار دولار التي تنفقها وزارة الطاقة على الأسلحة النووية، أو الـ16 مليار دولار التي تغطي الأنشطة المتعلقة بالدفاع والتي تمولها وكالاتٌ فيدرالية أخرى. وإذا أضفنا هذه النفقات إلى ميزانية الدفاع، فإن المجموع يصل إلى نحو 636 مليار دولار. والواقع أن حتى هذا المبلغ لا يعكس الكلفة الحقيقية للأمن القومي بالنسبة للبلاد. ذلك أن وزارة الخزانة تدفع حالياً أكثر من 83 مليار دولار لتسديد معاشات العسكريين وصناديق الرعاية الصحية الخاصة بالمتقاعدين العسكريين، لأن وزارة الدفاع لم ترصد موارد كافية لهذه الحسابات. كما تفقد وزارة الخزانة 23 مليار دولار أخرى، لأن قدماء المحاربين لا يدفعون ضرائب على جزء من أجورهم. ثانياً: حتى قبل الزيادة التي نص عليها اتفاق الميزانية، كان الإنفاق على الدفاع الأميركي يمثّل أصلا أكثر من ثلث النفقات العسكرية العالمية، وثلاثة أضعاف نظيره الصيني، وأكثر من عشرة أضعاف نظيره الروسي. ثالثاً: على الرغم من الادعاءات التي تفيد بالعكس، فإن وزارة الدفاع الأميركية لم تتأثر كثيراً بقيود قانون مراقبة الميزانية 2011؛ ذلك أنه خلال السنوات الخمس الماضية، تلقت الوزارة أكثر من 90 مليار دولار من الإعفاءات من الحدود القصوى للإنفاق التي فرضها ذاك القانون، وهذا دون احتساب 15 مليار دولار الإضافية هذه السنة. ثم هناك «صندوق عمليات الطوارئ في الخارج»، الذي يستفيد من إعفاء من الحدود القصوى لأن الهدف منه هو تمويل عمليات عسكرية غير متوقعة؛ غير أن البنتاجون أنفق ما يربو عن نصف الـ400 مليار دولار ونيف التي تلقاها حساب «عمليات الطوارئ في الخارج» في تلك الفترة على نفقات لا علاقة لها بالحروب. رابعاً: الجيش الأميركي ليس في حالة سيئة. لا بل إن الحالة الراهنة لجيشنا «رائعة»، كما يرى الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، القائد السابق في العراق وأفغانستان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق. ثم إنه لا يواجه أزمة جاهزية؛ والمستوى الحالي للإنفاق على الجاهزية والمشتريات يُعتبر أكثر من كافٍ. خامساً: إن منح الجيش مزيداً من المال سيُضعف موقف من يحاولون جعل البنتاجون يشتغل بشكل أكثر فعالية. وعلى سبيل المثال، ففي أواخر 2013 اعترف وزير الدفاع الأميركي وقتئذ تشاك هاجل بأن ميزانية وزارة الدفاع لا يمكن أن تستمر في الارتفاع بشكل مطرد، على غرار ما وقع خلال الفترة ما بين 2001 و2012، وطلب من «مجلس الأعمال الدفاعي» تحليل الكلفة الإدارية. وقد أنهى المجلس دراسته في أواخر 2015، والتي أظهرت أن البنتاجون يستطيع توفير 125 مليار دولار على مدى خمس سنوات عبر تقليص عدد الموظفين الإداريين، الذي يتجاوز حالياً مليون شخص يدعمون قوات عاملة يناهز عددها 1.3 مليون شخص. وعلاوة على ذلك، فإن البنتاجون مازال يواجه مشكلة تجاوز الميزانيات المرصودة والتأخير في الإنجاز والتسليم. ففي 2015، وجد تقرير أنجزته مؤسسة «ديلويت» أن إجمالي كلفة تجاوز الميزانية المرصودة بخصوص برامج مشتريات رئيسية بلغ 486 مليار دولار. وعلى سبيل المثال، فإن حاملة الطائرات جيرالد فورد، التي بنى عليها ترامب دعوته لزيادة الإنفاق على الدفاع، جاءت متأخرة بعامين وبـ50 في المئة فوق الميزانية. وأخيرا، فإن اتفاق الميزانية لا يشتمل على طريقة لتمويل صناديق البنتاجون الإضافية. وبالمقابل، فإنه يضيفها إلى ديننا الوطني، الذي يتجاوز أصلاً 20 تريليون دولار، والذي كان الأدميرال مايك مولن، القائد السابق لهيئة الأركان المشتركة، قد وصفه بأنه أكبر تهديد لأمننا القومي. ولئن كان الوقت متأخراً لمنع البنتاجون من الحصول على 15 مليار دولار إضافية هذه السنة، فإن على أعضاء الكونجرس والإدارة والجمهور جميعاً أن يأخذوا هذه النقاط في عين الاعتبار قبل السماح بزيادة كبيرة أخرى في السنة المالية 2018. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»