أعلن الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون تشكيل حكومته يوم الأربعاء الماضي، وقدم أصغر رؤساء فرنسا سناً منذ عقود قائمة بأسماء وزراء متوسط أعمارهم 54 عاماً، وسلم في نهاية المطاف السيطرة على الشؤون الاقتصادية للبلاد لسياسيين من الجناح اليميني، وإن كانت أسماء وزراء حكومته اعتبرت أيضاً مؤشراً مبكراً على ما قد يبدو عليه برنامجه الذي لا يبدو يمينياً ولا يسارياً. فقد عين ماكرون، وهو مصرفي سابق في بنك استثماري ومحافظ للغاية فيما يتعلق بالميزانية والاقتصاد، محافظين شهيرين هما برينو لومير ليقود وزارة الاقتصاد وجيرالد دارمانين ليقود وزارة الميزانية، وجاء هذا في أعقاب تعيين ماكرون يوم الاثنين لإدوار فيليب، وكان عضواً في حزب الجمهوريين من يمين الوسط، ليكون رئيس لوزراء فرنسا، وعلى رغم أن مناصب بارزة أخرى تولاها اشتراكيون، فإن كثيراً من اليساريين الذين أيدوا ماكرون على مضض في الانتخابات شعروا بالفعل بخيبة أمل. وقد كتب جان كريستوف كامباديليس، أمين عام الحزب الاشتراكي، على «تويتر» بعد إعلان التشكيل الوزاري لحكومة ماكرون قائلاً إن التشكيل يمثل «حكومة جديدة ولكن ليس حكومة تجديد»، وحين كان ماكرون وزيراً للمالية في عهد الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا أولاند، دافع بصراحة عن سياسات اقتصاد السوق لرفع معدلات نمو الاقتصاد الفرنسي، ولخفض معدل البطالة الكبير الذي يصل 10%. ومن بين أمور أخرى، سعت هذه الإصلاحات إلى زيادة عدد ساعات العمل الأسبوعية البالغ عددها 35 ساعة، وتخفيف الإجراءات التي تصعب على الشركات الفرنسية إقالة الموظفين الذين يحظون بقدر كبير من الحماية العمالية. وقد أدى النقاش حول هذه الإصلاحات إلى أسابيع من الاحتجاجات العام الماضي، ولكن الإصلاحات المقترحة أصبحت قانوناً في أغسطس 2016، بعد أن أقرتها الحكومة في البرلمان. ورغم عمل ماكرون ضمن حكومة اشتراكية، فإن دعمه لهذه الإجراءات بالإضافة إلى عمله كمصرفي استثماري في بنك «روتشيلد»، أكسبه سمعة باعتباره ليبرالياً جديداً ليس ملتزماً تجاه القضية اليسارية. وهذا كان الركن الأساسي في الانتخابات شديدة التنافسية التي فاز بها ماكرون في نهاية المطاف، وعلى امتداد الحملة، انتقد جان لوك ميلانشون، من اليسار المتطرف، ماكرون بشدة، وحظيت شعبوية ميلانشون اليسارية بدعم كبير ومذهل وخاصة وسط الناخبين الأصغر سناً. ومواصلة إصلاحات السوق محورية لماكرون، وخاصة فيما يتعلق بتعهده بأن يلتزم بتعهدات فرنسا تجاه الاتحاد الأوروبي، وقد أكد ماكرون، في مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين مؤخراً، أنه «سيطبق الإصلاحات في العمق» في بلاده، وأنه يسعى إلى استعادة ثقة ألمانيا في قدرة فرنسا على إدارة شؤونها الداخلية، وغير ماكرون اسم وزارة الخارجية من وزارة الشؤون الخارجية إلى وزارة أوروبا والشؤون الخارجية مما يشير إلى مدى اهتمامه بالاتحاد الأوروبي في قائمة أولوياته الدولية. --------------- جيمس مكاولي* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»