أسدل ستار الانتخابات الرئاسية الإيرانية بفوز الرئيس حسن روحاني بدورة رئاسية جديدة بعد نيله نسبة 57% من الأصوات مقابل 38% لمنافسه إبراهيم رئيسي. نسير مع القارئ في هذا المقال لنتلمس مخرجات هذه الانتخابات في ظل معطياتها. من مجموع 41 مليون صوت، فاز روحاني بـ23 مليون ونصف المليون، وبالتالي زيادة في نسبة الأصوات الداعمة له مقارنة بنتائجه في عام 2013. وبالرغم من الفارق الضئيل، وهو مليون و700 ألف صوت، مقارنة بنتائج عام 2013 بين روحاني ومرشحي التيار الأصولي، فإن روحاني عاد من جديد ليحقق فارقاً أكبر في انتخابات 2017 على الرغم من توحد التيار الأصولي خلف مرشح واحد ألا وهو «رئيسي». وعلى خلاف الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وكذلك هاشمي رفسنجاني، زادت نسبة الأصوات لروحاني مقارنة بهما في انتخابات الدورة الرئاسية الثانية. فقد قفز روحاني بنسبة الأصوات من 51% إلى 57%. وتعود المدن الكبرى مثل طهران وأصفهان والمحافظات الجنوبية، وهي التي شكلت في 2013 ثقلا لروحاني، تعود من جديد لتشكل ثقلا أكبر لصالحه بعد زيادة في نسبة المشاركة. وبالرغم من إعلان جمعية علماء الدين المناضلين وجمعية مدرسي قم الأصولية تأييدهما لرئيسي، فقد نال روحاني قرابة 200 ألف صوت في مدينة قم وبالتالي مزاحمته في المحافظات المؤيدة لرئيسي. ساهمت فترات التمديد للاقتراع التي امتدت حتى منتصف الليل في زيادة نسبة المشاركة والتي دائماً ما تصب في صالح التيار الإصلاحي والمعتدل. مؤشرات خارجية لعلها لعبت دورها هي الأخرى في التأثير على الانتخابات لصالح روحاني، منها تصريحات منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فدريكا موجريني التي قالت فيها إن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تتم مراقبتها عن كثب انطلاقاً من اعتبار إيران، وكذلك إعلان البيت الأبيض الموافقة على تمديد إعفاء العقوبات النووية على إيران. وانطلاقاً من مخرجات تلك النتائج سارت التصريحات في الداخل الإيراني وعلى رأسها تصريحات المرشد الإيراني لتؤكد أن هذه المشاركة المكثفة ما هي إلا تأكيد على شرعية النظام وقبوله الشعبي وأن الفائز هو الشعب والنظام! جاءت تصريحات روحاني بعد ذلك الفوز لتوجه رسالة للداخل الإيراني مفادها أن هذا الفوز هو فوز للشعب الإيراني، وأنه مستعد للتعاون حتى مع المنافسين، وأن فوزه يمثل انتصاراً للتهدئة على التوتر. هنّأ المترشح الخاسر إبراهيم رئيسي الرئيس المعاد انتخابه حسن روحاني، وأشار إلى أن أصوات نحو 16 مليون إيراني (أي التي صوتت له) هي أصوات داعية إلى التغيير، وتعد رأسمالا مهما وسندا عظيما، بحيث لا يمكن تجاهلها علي الصعيد السياسي وعلى صعيد صناعة القرارات الكبرى في البلاد، مبيناً أنه استناداً لهذا الدعم الشعبي سيستخدم الطاقات لمتابعة مطالب الشعب الداعية إلى مكافحة الفساد والتمييز وترسيخ قيم الثورة الإسلامية، مبدياً دعمه لأي جهد وإرادة للحكومة المقبلة في هذا الاتجاه. وماذا عن إسقاطات هذه الانتخابات على المنظور الإيراني للمنطقة؟ الحقيقة أنها لم تكن بمعزل عن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية والقمم الثلاث التي عقدت في الرياض. فقد جاءت تصريحات المسؤولين الإيرانيين كالتالي: حسن روحاني وجد أن الانتخابات الإيرانية حملت رسالة تعزيز الديمقراطية في المنطقة دون الحاجة للقوى الأجنبية. أما وزير الخارجية الإيراني فقد ربط المشاركة في الانتخابات الإيرانية بالوضع الإقليمي: «استقرارنا لا نجلبه من التحالفات، بل من شعبنا الذي يستطيع الإدلاء بأصواته.. يجب احترام الإيرانيين المستعدين للانفتاح على الجميع». كيف هو منظور النظام الإيراني في ظل هذه الانتخابات وإسقاطاتها على المنطقة؟ الإجابة ربما يستنتجها القارئ في ظل المعطيات آنفة الذكر.