يتمثل الخط الفاصل الكبير الجديد في حياة الأميركيين في الحصول على شهادة جامعية بعد دراسة أربع سنوات في إحدى الكليات، ويمر هذا الخط في كل شريحة تقريباً من شرائح المجتمع. وقد ازدادت الفجوة في الأجور بين خريجي الجامعات وأي شخص آخر في السنوات الأخيرة، وكذلك ازدادت الفجوة في البطالة، وأيضاً في الصحة البدنية والاجتماعية، ويعيش خريجو الجامعات لفترة أطول مما كانوا سابقاً، كما انخفضت معدلات الطلاق بينهم وأصبحوا يتناولون طعاماً أفضل، وكل هذه الاتجاهات أصبحت أكثر قتامة بالنسبة لغير الخريجين. ثم هناك السياسة، فالأميركيون من غير الحاصلين على شهادة جامعية هم الناخبون المتأرجحون اليوم. (الناخب المتأرجح هو الذي ليس لديه ولاء لأي حزب سياسي وقراراته غير متوقعة). وقد تحول غير الخريجين من البيض بشكل حاد إلى تأييد دونالد ترامب في العام الماضي، مقارنة بعام 2012، بينما أثر غير الخريجين من السود على النتائج من خلال البقاء في المنزل بأعداد كبيرة. وكلا القرارين – التصويت لترامب أو عدم التصويت على الإطلاق – ينبع جزئياً من الإحساس بالعزلة. وقد وجد «الديمقراطيون» وسيلة لكسب المزيد من أصوات الطبقة العاملة. (نعم، إنني أستخدم «الطبقة العاملة» كمرادف تقريبي لثلثي البالغين من غير الحاصلين على درجة البكالوريوس) وليس فقط ترامب، فالجمهوريون يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ و33 منصب حاكم ومشرع في 32 ولاية. ولذلك فإن «الديمقراطيين يحتاجون إلى استراتيجية للعودة، بينما تحتاج الطبقة العاملة الأميركية إلى حليف، والحل لكلتا المشكلتين يمكن أن يكون هو نفسه: أجندة قوية لتحسين أحوال الناس غير الحاصلين على شهادة جامعية. وترتكز هذه الاستراتيجية على ركيزتين رئيستين. الأولى تتمثل في تحسين مستوى المعيشة بالنسبة لهؤلاء الذين لن يحصلوا على تلك الشهادات – وضمان أنهم يمكنهم إيجاد عمل مهم براتب جيد، وتحمل تكاليف الرعاية الصحية، ورعاية الطفل والتقاعد. ولذا ينبغي توفير حياة مستقرة للطبقة المتوسطة دون الحصول على درجة البكالوريوس. أما الركيزة الثانية فتتثمل في مساعدة عدد أكبر من الناس للحصول على درجات علمية والتمتع بمزاياها، وهناك أمر بشأن الكلية - التعليم الفعلي، وكذلك الانضباط المطلوب والمبادرة - والذي يبدو أنه يهيئ الناس لتحقيق النجاح، فعلى الرغم من أن الحصول على شهادة بعد عامين من الدراسة له فوائد أيضاً، إلا أن الشهادة التي يتم الحصول عليها بعد دراسة مدتها أربع سنوات تجلب فوائد أكثر. وفي يوم الثلاثاء، قام «مركز التقدم الأميركي»، وهو مجموعة ليبرالية مؤثرة، باتخاذ الخطوة الأولى نحو وضع أجندة للطبقة العاملة، وهذه الخطوة يطلق عليها «خطة مارشال لأميركا»، والتي تأتي على غرار البرنامج الذي أعاد بناء أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب. وتقول «نيرا تاندن»، رئيسة المركز التي سبق لها العمل مع هيلاري كلينتون وباراك أوباما، إن «التقدميين لم يحققوا ما يكفي من شروط كرامة للأشخاص الذين لم يذهبوا إلى الجامعة». ولا يزال هذا الجهد في مراحل وضع المبادئ والمفاهيم، بيد أنه يستحق الاهتمام، بسبب تاريخ المركز في التأثير على «الديمقراطيين»، وكذلك لأن هذه الفكرة تضع الكثير من الأمور في نصابها الصحيح. فهي تتجنب بعض السلالات النخبوية في السياسة الليبرالية اليوم. وإحدى هذه السلالات ترفض الطبقة العاملة من البيض باعتبارها عنصرية بشكل لا يمكن إنكاره، وفي الحقيقة فإن العديد من هذه الأصوات أيدت الأفكار التقدمية من قبل وهي على استعداد لتأييدها مرة أخرى. وعلى أي حال، فإن «الديمقراطيين» ليس أمامهم الكثير من الخيارات، وفي هذا الصدد يقول العالم السياسي «روي تيكسيرا»: «لا يمكنكم بناء ائتلاف أغلبية قوي للديمقراطيين ما لم تتمكنوا من الوصول إلى مزيد من هذه الأصوات». ديفيد ليونهاردت* *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»