أجرت «مؤسسة طابة» بالشراكة مع «مؤسسة زغبي للخدمات البحثية» خلال العامين 2016‏ و?2017 ?استطلاعاً ?لرأي ?12 ?ألف ?شخص ?حول ?الموقف ?من ?الدين ?وعلمائه، ?مثلوا ?الأجيال ?العربية ?الشابة ?تمثيلاً ?حقيقياً، ?نظراً ?لتنوّع ?جنسياتهم ?التي ?توزعت ?على ?18 ?دولة ?عربية، ?وأعمارهم ?التي ?تراوحت ?بين ?15 ?و?34 ?سنة، ?ومذاهبهم ?التي ?ضمت ?السُّنة ?والشيعة ?والإباضية، ?ومستوياتهم ?التعليمية ?التي ?شملت ?خريجي ?المدارس ?والجامعات. نتائج الاستطلاع كانت مخيبة للآمال برأيي، فلم تشهد نقلة نوعية في الأفكار حول الهوية الوطنية، والمواطنة، والحقوق، والحريات، فقد اختار نحو 44 في المئة فقط بلدانهم كمصدر لهويتهم الأساسية، والبقية اختاروا التعريف عن أنفسهم قومياً، ودينياً، وهو ما يعني ضمن ما يعني أن هويات كالعرق والدين، ما تزال تزاحم الهوية الوطنية المشتركة. أما عن الموقف من المساواة في الحقوق مع المواطنين غير المسلمين، فرغم أننا بصدد مواطنين في البلد نفسه، فقد رأى 35 في المئة أنه لا ينبغي مساواتهم مع المواطنين غير المسلمين، في غياب تامّ لمفهوم المواطنة عن أكثر من ثلث جيل المستقبل! بل إن نتائج دول تضم أقليات كبيرة من المواطنين غير المسلمين كانت أسوأ من غيرها، ففي العراق مثلاً، وقف 43 في المئة ضد المساواة، وفي لبنان وقف 22 في المئة ضد المساواة. وعن الموقف من «داعش» وأخواتها، فقد كانت النتائج مقلقة أيضاً، فنحو 70 في المئة فقط اعتبروا هذه الجماعات ضالّة ومنحرفة انحرافاً كاملاً عن تعاليم الإسلام وتسيء إليه، ونسبة قليلة لكنها خطرة، تقدر بنحو 5 في المئة، رأت أنها جماعات على الهدى والصواب، ولا تمثل أي انحراف! والبقية، أي الربع، وهي نسبة كبيرة ولا تدعو للتفاؤل، توزّعت مواقفهم من هذه الجماعات الإجرامية ما بين تصويب وتخطئة بعض اعتقاداتها وبعض أفعالها، ما يعني أن النظرة إلى هذه العصابات قد تصبح إيجابية لديهم ببعض الديكور والتحسين. وعن حظر المحتوى الثقافي إذا انتهك قيم المجتمع الأخلاقية والسلوكية، أجاب 25 في المئة بأنه لا ينبغي ضبط المحتوى الثقافي بالحساسيات الأخلاقية، حيث يمكن للناس عدم مشاهدة ما لا يعجبهم، بينما البقية رأوا أنه لا بد من حظره، أي أن الربع فقط وقفوا مع حرية التعبير. وعن الشعور لو أن أحداً اقترب منك في مكان عام وأسدى إليك نصيحة دينية، قال 27 في المئة إنهم سيرفضونها بشدة، فليس لأحد الحق في تقديم نصائح دينية للآخرين في مكان عام، وقال 41 في المئة إنهم سيقبلونها برضا، وقال 31 في المئة إنهم سيقبلونها إن كانت بهدوء ولطف، ما يعني أن الغالبية ضد مبدأ خصوصية الفرد، ومع مبدأ التدخل في شؤون الآخرين. وفي رأيي أن هذه النتائج متوقعة وغير متوقعة في الآن نفسه، فهي غير متوقعة لأننا بصدد 12 ألف شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة، ومع هذا كانت أغلب مواقفهم تقليدية لا جديد فيها، وخطرة في أحيان كثيرة، وهي متوقعة لأنه حتى الآن لم يحدث أي تجديد حقيقي في الأفكار السائدة في المنطقة، سواء على مستوى فهم الدين، أو على مستوى الحقوق والحريات. ‏?