لقد آن أوان الحديث عن أحدث التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية، ألا وهي: «لعبة إزلة التوتر» (سبنر). وإذا كنت لا تعرف ما هي «لعبة إزالة التوتر»، فذلك على الأرجح لأنك قضيت الشهر الأخير في كهف يبعد 500 ميل عن أقرب طفل! وإذا كان الأمر كذلك، فأتمنى أن تكون قد استمتعت بوقتك، لأنها ربما كانت لحظات السلام الأخيرة التي تنعم بها، وذلك لأن لعبة إزالة التوتر الآن في كل مكان، فهي في أيدي الأطفال الذين يستقلون قطارات مع آبائهم، وتوجد في الفصول الدراسية، وفي المنازل.. في سائر أنحاء الولايات المتحدة.. بل إن الكبار أيضاً يلعبونها في الاجتماعات ومواقف الحافلات. وبالنسبة للقلة الذين لم يألفوا هذه اللعبة، فهي لعبة بسيطة بحجم راحة اليد، وبها شعبتين أو ثلاثة، مع دائرة للحمل في المنتصف، ودائرة على كل شعبة. وعادة ما تكون اللعبة مصنوعة من البلاستيك، وأحياناً معدنية. وكل ما عليك فعله هو نقر دائرة الحمل في المنتصف، بين السبابة والإبهام، وجعل واحدة من الشعب تدور، وعندئذ ستدور وتدور وتدور! ويبدو أن في ذلك مرحاً. ويمكن وضعها على أصبع واحد، ويمكن إلقاؤها من يد إلى أخرى، لكن يبقى الهدف منها إزالة التوتر. ويحتج البعض بأنها تساعد الأطفال على التركيز بتخفيف التوتر. وبعض أولياء الأمور، ممن يعاني أطفالهم من التوحد أو القلق، يقولون إن «سبنر» مفيدة. ويبدو أن الخبراء لديهم وجهات نظر متباينة حول فاعليتها بشكل عام. وإذا كان هناك شيء لا يكترث الأطفال بشأنه فهو ما يعتقده الآباء أو الخبراء. وهم يرون زملاءهم في المدرسة يلهون بلعبة بلاستيكية ملونة لامعة، عندئذٍ لا يعرفون شيئاً أكثر أهمية من أن يضعوا أيديهم على واحدة من هذه الألعاب الدوارة البلاستيكية. ودفاعاً عن الأطفال، فإن ذلك السلوك لا يختلف كثيراً عن سلوك آبائهم عندما يرى أحدهم نسخة أحدث من هاتف ذكي بيد زميل، فيسارع لتحديث هاتفه. وهنا تكمن مشكلة «لعبة إزالة التوتر». فأنا كأب، يمكنني أن أشهد بأن هذه اللعبة تساعد أبنائي على التركيز، لكن التركيز تماماً على الدوران وجمع ومناقشة وإسقاط «لعبة إزالة التوتر». ابني يتحدث عن اللعبة ويلعب بها، ويكسرها، ومن ثم يشعر بحزن لأن لعبته كسرت، ويريد الحصول على مزيد من ألعاب «سبنر»، لأن هناك دائماً «سبنر» أفضل من الـ73 التي يحتفظ بها. ويطلب منا أن نشاهده وهو يمارس خدعها، وعندما يفشل في ذلك، يطلب مني هاتفي لمشاهدة فيديو لتعلم خدع «لعبة إزالة التوتر»، التي يوجد منها 19 مليوناً. وفي المدرسة، لكل طفل لعبة «سبنر»، ويبدو الصوت الصادر من المبنى بأسره مثل آلة ضوضاء بيضاء عملاقة، لدرجة أن بعض المدارس في أرجاء البلاد، حظرت هذه الألعاب. وتكلف لعبة «سبنر» تصل من خمسة دولارات إلى مئات الدولارات، وأعتقد أن 40% من الاقتصاد الأميركي يعتمد على لعبة «سبنر»، وقد تنمو النسبة! ولا أعرف من زرع تلك اللعبة في بلدنا، لكن من الواضح أنه كان عملاً هدفه تشتيت الانتباه عن قضايا أكثر أهمية، مثل أحدث إصدارات الهواتف الذكية، والدول الأجنبية التي تتوق إلى غزو أميركا. وكثير من ألعاب «سبنر» تُصنّع في الصين، لذا أعتقد أن الصين وراء تلك «الموضة». ريكس هوبكي كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»