تقوم سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة على مبادئ أساسية عدة، من أبرزها الحصول على مخرجات تعليمية متميزة، قادرة على الاستجابة لحاجة الدولة الدائمة لأجيال مواطنة مؤهلة تأهيلاً أكاديمياً، تستطيع رفد مختلف مؤسسات الدولة بالمعارف اللازمة، أجيال لديها كامل القدرة على تحمل أعباء الحاضر واستشراف المستقبل. ونظراً لإدراك القيادة الرشيدة لصعوبة تحقيق ذلك من دون توافر بيئة تعليمية مناسبة، استثمرت الأموال الكبيرة في مجال التعليم، سواء بفتح المدارس النموذجية أو تحسين ظروف الكادر التدريسي أو تركيز الجهود على صياغة مناهج تربوية تجمع بين الخصوصية المحلية والانفتاح على معارف وثقافات الشعوب الأخرى. وانطلاقاً من المسؤولية التاريخية والأخلاقية للقائمين على العملية التربوية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، واتساقاً مع هدف الرسالة الحضارية التي تحملها القيادة الرشيدة وحرصها الشديد على الحصول على أجيال منسجمة مع ذاتها، معتزة بماضيها، واعية بدورها، غيورة على لغتها، تم منح اللغة العربية مكانتها المناسبة ضمن المناهج التربوية الإماراتية، فخصصت العديد من الجوائز والتكريمات للاحتفاء بالمهتمين بها داخل الدولة وخارجها. حتى أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة مركزاً للعديد من المبادرات التي تهتم بالحفاظ على اللغة العربية وتعلي من شأنها أمام العالم، وذلك دون انغلاق ودون تعصب في وجه لغات العصر الأخرى. وعندما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «إن اللغة العربية هي لغة حياة نعيشها وتعبر عنا بمختلف حالاتنا، وليست ماضياً مندثراً وتاريخاً لا يصلح لزمننا الحاضر» فإنما يعكس بذلك توجهاً عاماً لحكومة وشعب أراد أن يحافظ على تطوره من خلال الحفاظ على لغة دينه وأخلاقه وحضارته. وإذا كانت اللغة هي وسيلة التواصل والوعاء الثقافي والفكري لكل شعب، فإن اللغة العربية تجاوزت ذلك لتكون لغة الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة ومبادئه الأخلاقية التي تحمل رسائل الحب والسلام والأمان إلى العالم. وتلك الرؤية العميقة لدور اللغة العربية والإيمان بمكانتها المستمرة لدى جميع الشعوب العربية والإسلامية، تجد تجسيدها اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال المبادرات التي تم تبنيها لتشجيع انتشارها في العالم، فجاءت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بدعم جميع المبادرات التكنولوجية الذكية والتقليدية للحفاظ عليها، سعياً إلى إضافة كل مفردات ومفاهيم التكنولوجيا والأدوات الحديثة أولاً بأول إلى اللغة العربية. وقد تحدث سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، مؤخراً، خلال تكريمه الفائزين في الدورة الثالثة لجائزة محمد بن راشد للغة العربية وافتتاح المؤتمر الدولي السادس للغة العربية، عن طموحات سموه بأن تعتمد اللغة العربية في جميع المؤسسات والحكومات حول العالم وليس في المنطقة العربية فقط، مؤكداً أهمية اللغة العربية في نقل تراثنا وحضارتنا، باعتبارها نِبْرَاساً لكل علومنا وثقافتنا، فهي ثقافة وهوية لأمتنا وسبيل لرقيها وتميزها. إن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة تدرك أكثر من أي وقت مضى طبيعة التحديات التي تواجهها اللغة العربية اليوم، والمتمثلة في التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، بسبب انتشار استخدام التقنيات الرقمية وزيادة الإقبال على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في العالم، ولذا أطلقت الدولة العديد من الخطط الهادفة إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها ونشرها بين الأجيال بما يواكب التطورات السريعة في هذا العصر. وتدخل جائزة محمد بن راشد للغة العربية في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تقليص المسافة بينها وبين بقية اللغات الأكثر انتشاراً من خلال التكنولوجيا، كما تلعب الجائزة دوراً تكاملياً مع الجهود التي أُنجزت في هذا السياق، مثل مبادرة «لغتي» لتعليم طلبة مدارس اللغة العربية بوسائل تعليمية حديثة في الشارقة، وهو المشروع الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، لدعم اللغة وتشجيع استخدامها، بالإضافة إلى العديد من المبادرات الأخرى. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية