بعد سنوات ظلت فيها التجارة الإلكترونية لا تحظى بالاهتمام الكافي من قبل متاجر كثيرة في كندا، تحول عدد أكبر من تجار التجزئة هناك إلى ضخ استثمارات كبيرة في برامج التسوق على الإنترنت المطلوبة لخدمة بلد شاسع المساحة يقطنه سكان ينتشرون على مسافات متباعدة للغاية في كثير من الأحيان. وكانت شركة «أمازون دوت كوم» قد دأبت على توسيع عملياتها في كندا، ولذا سارع المنافسون المحليون إلى تجنب المصير نفسه الذي لحق بكثير من نظرائهم في أميركا، على الطرف الجنوبي من الحدود. ويعتقد روبن شيرك، وهو مدير قطاع التجزئة والبيع على الإنترنت في تورونتو في شركة كانتار ريتيل للاستشارات الاقتصادية، أنهم «يستطيعون النظر إلى ما يحدث في الولايات المتحدة وفي الأسواق الأخرى، ولديهم تقريباً خريطة طريق لما قد يحدث، ويقولون في أنفسهم: هذا سيحدث لي إذا لم أغير ممارساتي». وتشير بيانات لباحث من شركة «إيماركتر» وإحصاءات لشركة «بلومبيرج» إلى أن الكنديين أنفقوا 26.6 مليار دولار في التسوق عبر الإنترنت خلال العام الماضي، أي نحو 730 دولاراً للفرد. وهذا أقل بكثير من 1230 دولاراً ينفقها المستهلك الأميركي في المتوسط في التسوق عبر الإنترنت، وهو ما يظهر خللاً في شبكة التجارة الإلكترونية في كندا. وبعض شركات التجزئة البارزة مثل شركة «كانديان تاير» تسمح لزبائنها بتقديم طلبات الشراء عبر الإنترنت، ليذهبوا بسياراتهم إلى المتجر ويأخذوا بأنفسهم البضائع بدلاً من توصيلها إليهم. وهنا يأتي دور «أمازون». فعملاق التجارة الإلكترونية يفتح مركزاً لتلقي الطلبات كل عام في كندا منذ عام 2011، بما في ذلك أول منشأة آلية خارج تورنتو العام الماضي، هذا بالإضافة إلى مركز جديد للبيانات بالقرب من مونتريال. وتوسع «أمازون» أيضاً عدد المدن المسموح لها بالشحن المجاني ليوم واحد ضمن برنامجها لتقديم علاوة ولاء تبلغ 79 دولاراً كندياً في العام، أي ما يعادل 58 دولاراً أميركياً. وهناك مساحة كبيرة للتوسع لأنه ليس هناك إلا نحو نسبة 4% فقط من متسوقي الأسر الأساسيين من المندرجين ضمن الأعضاء المستحقين للعلاوة حتى مايو 2016، مقارنة مع نسبة 37% في الولايات المتحدة حتى ديسمبر الماضي، بحسب قول المدير «شيرك» من شركة «كانتار». وبدوره يؤكد بول بريجز، المحلل في شركة «إيماركتر»، أن «أمازون تدفع كثيرين من تجار التجزئة التقليديين في كندا لأن يتحمسوا للمنافسة، ويقدموا فرص تسوق أفضل على الإنترنت». وقلة من تجار التجزئة الكنديين هم الذين يجدون أنفسهم الآن على مستوى التحدي، وتتوقع شركة «إيماركتر» أن ترتفع المبيعات على الإنترنت إلى 64% بحلول عام 2020. وكذلك فتحت أيضاً شركة «هدسون باي» مالكة شركة «ساكس فيفث إفنيو» وحدتها الآلية في نوفمبر الماضي، لتجهيز الطلبات التي حصلت عليها على الإنترنت بشكل أسرع. وسلسلة متاجر «ريتمانس» لأزياء النساء أغلقت هي الأخرى بعض المتاجر، وتعيد تصميم مركزها للتوزيع لدعم مبيعات التجارة الإلكترونية التي ارتفعت بنسبة 51% العام الماضي. وقسم المنتجات الرياضية في شركة «كانديان تاير» يدير هو أيضاً مشروعاً تجريبياً لعملية توصيل البضائع في اليوم نفسه في منطقة تورونتو، في تحدٍ مباشر لأمازون. ولكن شركة «كانديان تاير»، التي أعلنت عن تحقيق مكاسب في الربع الأول من العام الحالي في الأيام القليلة الماضية، ترى أن مبيعات التجارة الإلكترونية ليس لها تأثير كبير على نمو العائدات في متاجرها. والمستثمر الكندي الشهير ألكسندر تايليفر، الذي ينافس أسطوله من السيارات الكهربائية سيارات شركة «أوبر تكنولوجيز» في مونتريال، يفكر في خطة أيضاً. وتحاول شركته «إكس. بي. إن. دي. كابيتال» ذات الملكية الخاصة أن تحشد دعم المتاجر المحلية لابتكار برنامج واحد لجمع بضائعهم، مع إقامة علاقات بوسائل الإعلام المحلية. وأشار تايليفر في مقابلة أجريت معه مؤخراً إلى أن «التجارة الإلكترونية في كيبيك متخلفة، وليس لدينا لاعب كبير مثل وول مارت أو أمازون. ولكن لدينا لاعبون محليون. ووسائل الإعلام في أزمة، وتجار التجزئة في أزمة، فلماذا لا نعمل سوياً لتحقيق نجاح مشترك؟». وعلى رغم أن توسع «أمازون» الكبير داخل كندا قد هز تجار التجزئة بالتأكيد فإن هذا لا ينذر بالضرورة بالآثار السلبية نفسها التي أضرت بصناعة البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة، وتسببت في عدد قياسي من عمليات إعلان الإفلاس. وفي جانب، فإن نصيب المرء من الأقدام المربعة في مراكز التسوق في كندا أقل بنسبة 30% مما هو عليه في الولايات المتحدة، مما يوحي بأن ليس هناك الكثير من الفائض في السعة. وسكان البلاد البالغ عددهم 36 مليوناً ينتشرون على مساحة 3.9 مليون ميل مربع، بما في ذلك المناطق المتجمدة وتلك التي يصعب الوصول إليها، مما يجعل الدعم اللوجستي في هذه البلاد أكثر تكلفة وتعقيداً بكثير مما هو عليه في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. ساندرين راستيلو: رئيسة مكتب بلومبيرج في مونتريال ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»