البروفيسور جيجوش دابليو كوودكو‏? ?Grzegorg W.? ?Kolodko? ?سياسي ?ومفكر ?كبير? ?في ?شؤون ?السياسة ?والاقتصاد، ?وهو أحد ?المهندسين ?الرئيسيين ?للإصلاحات ?البولندية. ?وحسب ?هذا ?الخبير ?تفسَّر ?مفاهيم ?علم ?الاقتصاد ?الصعبة ?أفضل ?تفسير ?باستخدام ?كلمات ?بسيطة ?ومعبرة، ?ويفترض ?أن ?يصف ?علماء ?الاقتصاد ?ما ?يجري ?ويفسروه. ?وأفضل ?هؤلاء ?العلماء ?يعرفون ?ما ?يحدث ?وبإمكانهم ?إقناعنا، ?لأن ?المشاكل ?تطرأ ?عندما: -يكونون على علم بما يحدث، ولكنهم لا يستطيعون إقناعنا. -أو لا يعلمون، ولكنهم يحاولون إقناعنا على أي حال. -أو يعلمون أن حقيقة الأمور تختلف عما يحاولون إقناعنا به. في الحالة الأولى لا يسعنا إلا أن نحاول مساعدتهم في توصيل الرسالة. وفي الحالة الثانية، عندما لا يعلم هؤلاء الأشخاص كيف تجري الأمور فعلياً ومع ذلك يحاولون إقناعنا بمفهوم مهم، يكونون على خطأ بيِّن، ومن الضروري عندئذ أن نناقشهم بهدوء، وأن نغير اهتمامنا للرأي الآخر، لأن كل شخص من الممكن أن يكون على خطأ. والحالة الثالثة هي الأسوأ، أي عندما يتعمد بعض الأشخاص نشر الأكاذيب في مجال السياسة -وهذا قد يحدث يومياً- لأن المهم عندهم هو النتائج لا الحقيقة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ذلك يفسر السبب في وقوع كثير من علماء الاقتصاد الذين دخلوا عالم السياسة في شرك الأكاذيب... ففي الكثير من الأحيان يكذب المسؤولون الاقتصاديون داخل المجال السياسي الرسمي مع ساستهم، لأنهم يظنون أنهم إذا لم يفعلوا ذلك، سيثور عليهم الأولون والآخرون في رمشة عين. أما في بعض دول الوطن العربي، فالمشكل أكبر من ذلك عندما يكون الكذب والتضليل أساسين في تسيير الشؤون العامة، فيتلوث المجال السياسي العام وتدخله ميكروبات خطيرة تأتي على الخلايا السياسية والخلايا الرمادية على السواء. وقد يظن ظان أنه في مجتمعاتنا تكون هذه الخلايا منفصلة عن بعضها بعضاً. وهذا كلام خطأ. فالخلايا السياسية الصحيحة تحمي وتشجع وتطور وتخلق الأرضية والتنافسية لأهل العلم.. والعلم لا يمكن أن يسيّس، بل الحيادية والموضوعية هما أساسا التقدم العلمي الصحيح... والسياسي داخل المجال السياسي العام إنما يقوم بإعمال أدوات تسيير الشأن العام لخلق الأرضية من إمكانات مادية وجامعات ومختبرات، ولكي لا ينفصل العمل العلمي عن مسيرة التقدم، وإلا أضحى المجال السياسي محدوداً أو ملوثاً. ولذلك كتب عالم الاجتماع ماكس فيبر، تحسباً لهذا الوضع، أن على السياسي أن يتمتع ببعض الصفات الجليلة مثل الشغف والشعور بالمسؤولية وبعد النظر... وفي يومنا هذا، فالشغف، يعني الانكباب على المشاكل ومعالجتها بشغف ودراية، ولا يمكنها أبداً أن تؤتي أكلها ولو بعد حين، وخاصة عندما تغيب المسؤولية وتقوى المصالح الذاتية الآنية على مصالح البلد. ولا يظنن ظان أن الدول الغربية تنعم بهذه الخصائص والمميزات دون أن يشوبها أي تلويث. فلو تخصصت في الصفحات السياسية والاقتصادية لبلدان مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وكندا لوجدت العديد من أنواع الكذب والتضليل التي تطبع حياتها السياسية والاقتصادية، ولكن دون أن يصل ذلك بدولها إلى الهدر الكلي للمال العام، ولا إلى بعض ظواهر النظام السلطوي من محسوبية وزبونية ووضع أناس في غير مناصبهم الحقيقية فتضيع مصالح الدول والمؤسسات. ثم يضاف إلى هذا كله بُعد النظر، وهي ملَكة وتجربة ودراية وقوة وقدرة وصفة حاسمة عند السياسي والاقتصادي، لو تمتع بها العديد من بناة المجال السياسي العام الجديد في بعض الأوطان العربية لوصلت إلى بر الأمان، وللأسف الشديد فبناة المجال السياسي العام في بعض الدول العربية ينظرون إلى المظاهر والظلال والسطحيات ويتغاضون عن الحقيقة الكينونية للأمور. ---------------- * أكاديمي مغربي