«لوبن» في دوري «الدرجة الثانية».. و«ماي» تواجه «الخروج الصعب»! لوفيغارو نشر الكاتب اليميني إيفان ريوفول مقالاً في صحيفة لوفيغارو بعنوان: «كيف نجيب على فرنسا الغاضبة»، تحدث فيه بكثير من النقد عن المناظرة التلفزيونية التي نظمت منتصف هذا الأسبوع بين المرشحَين الرئاسيين للدور الثاني اليوم، إيمانويل ماكرون ومارين لوبن، مؤكداً منذ البداية أن فرنسا كانت هي الخاسر الأكبر في هذه المناظرة، حيث إن المرشحَين كليهما أظهرا مدى عمق الأزمة السياسية المستفحلة التي تعاني منها فرنسا الآن، وهي لا تجد بداً من اختيار أحد هذين المرشحين فقط لتولي أعلى سلطة في البلاد. فماكرون على رغم كل شيء ليس سوى ابن المؤسسة التي كرستها النخب السياسية السائدة منذ أربعين عاماً، وحتى لو قدم إعلامياً باعتباره يمثل خطاً سياسياً جديداً، أو مستقلاً، فهو في الحقيقة واحد من هذه النخب، وناتج من نواتج مؤسستها السياسية. وقد بدا خلال المناظرة وكأنه يقدم تنازلاً بمجرد قبوله الحوار مع منافسته، المشيْطنة من طرف المنظومة السياسية والإعلامية السائدة. وأما لوبن فتقدم نفسها في لبوس من المزاعم بأنها هي، دون غيرها، من يعبر عن سخط الأغلبية الصامتة من الفرنسيين، التي لا تجد من يلتفت إلى همومها بين صفوف النخب والطبقة السياسية السائدة. وليس خلواً من المعنى، في نظر الكاتب، أن هذه المناظرة عرفت نسبة عالية من عزوف الفرنسيين عن مشاهدتها على التلفزيون، وعلى سبيل المقارنة فقط فقد تابع مناظرة شيراك- ميتران سنة 1988 ما لا يقل عن 30 مليون مشاهد، في حين لم يتابع مناظرة هذا الأسبوع سوى 15 مليوناً فقط لا غير. وأسوأ منها بكثير لجهة رداءة هذه الحملة الانتخابية سيل الشتائم التي سلطت مؤخراً ضد أحد الساسة لا لشيء إلا لأنه قرر الذهاب إلى صف لوبن ودعمها سياسياً. فهذا النوع من الجنوح والاستقطاب السياسي السلبي هو ما جعل هذه الحملة الرئاسية سلبية وسيئة منذ البداية وحتى النهاية. والآن يفرك «التقدميون» أيديهم استعداداً للتصفيق وإعلان الانتصار بفوز ماكرون المتوقع اليوم الأحد، هذا مع أن فوزه ليس في الحقيقة سوى نوع من عودة خط فرانسوا أولاند، الذي هو ظله اللصيق. وهذه هي حقيقة ماكرون المناهض للفاشية واليمين المتطرف، ولكن المتوقع أن يكرس أيضاً إخفاقات الخمس سنوات الماضية، بحسب رأي الكاتب. ليبراسيون أما في افتتاحية لصحيفة ليبراسيون اليسارية وتحت عنوان: «مدفعية» فقد اعتبر الكاتب لوران جوفرين أن مارين لوبن قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها ليست في المستوى، بكل المقاييس. وحتى إن وضعنا جانباً مشروعها السياسي اليميني المتطرف، ومحاولات فرض التفرقة التي تريد تكريسها في البلاد والمجتمع، فإن مدى معرفتها أيضاً بمختلف الملفات التي يفترض في أي مترشح للرئاسة الإلمام بها يبدو محدوداً للغاية، وتبدو في الحقيقة جديرة بأن تلعب في دوري الدرجة الثانية! صحيح أن هنالك الكثير مما يمكن قوله أيضاً في برامج منافسها إيمانويل ماكرون، والفرص التي يمكن أن يعِد بها، ومدى صرامة وفاعلية برامجه، ولكن كل ما يمكن أن يقال عنه يهون في النهاية مقارنة مع مستوى طرح لوبن. والمشكلة أنها لا تعرف أيضاً أنه لا يكفي المرء أن تكون عنده مدفعية ضخمة يطلق منها القذائف بشكل عشوائي، لكي يحقق أهدافه، أو يقنع مستمعيه! وأخطر من هذا وذاك أنها تستدعي في خطابها السياسي بعض ديباجات بلاغة انعزالية سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي، ولهذا فقد ظلت تتحدث بشكل فج طيلة ساعتي المناظرة هذا الأسبوع، لتخرج من ذلك بخسارة عشر نقاط في استطلاعات الرأي. ولاشك أن هذا القصور في الكفاءة يحمل معه مخاطر جسيمة. وأقلها أنه بسبب ضعف منافسته المتمترسة خلف خطاب يميني انعزالي متشدد وجد ماكرون نفسه مؤهلاً سلفاً حتى دون أن يكون مطالباً عملياً بتقديم طرح قوي. ومع أنه قد تفوق إلا أنه لم يقنع أيضاً قطاعاً محسوساً من الجمهور. وبالطبع فقد كشف خطاب بلاغيات لوبن المتجاوزة، التي أكل الدهر عليها وشرب، وحديثها الانعزالي عن غلق الحدود، والهجرة، والتمييز، وكراهية الأجانب، أنها هي أيضاً أبعد ما تكون عن الإقناع. لوموند وجهت افتتاحية لصحيفة لوموند انتقادات لاذعة لرئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، وما اعتبرته الصحيفة مسعى غير مجدٍ منها للعب على سياسة «فرق تسد» بين دول الاتحاد الأوروبي، خلال محادثات الخروج البريطاني من الاتحاد. وجاءت الافتتاحية: «السيدة ماي وخرافة البريكسيت» معبرة في حد ذاتها عن اعتبار الفكرة المعششة لدى الإنجليز عن إمكانية الخروج رابحين مجرد خرافة ستصطدم بجدار الواقع قريباً مع التقدم في مفاوضات الخروج المتوقع أن تزداد صعوبة بشكل يفوق كل ما كان متوقعاً حتى الآن. وقالت الصحيفة ابتداءً إن من المعروف عن البريطانيين عموماً النزوع نحو الملحميات الإمبريالية، وهذا ما يمكن استشعاره الآن في ملحميات الاستعداد لمعركة البريكسيت، التي يتوقع أن يتم من خلالها خروج المملكة المتحدة من الاتحاد في بحر عامين، ولكن ها نحن نشهد لأول مرة منذ قرنين حالة فرض حصار قاري على البريطانيين، مثل ذلك الذي حاول نابليون فرضه عليهم سنة 1806. ولكن مع فارق واضح، أنه حصار فعال هذه المرة. وفي مواجهة مساعي ماي لتفريق صفوف البلدان الأوروبية، وجعل عملية الخروج تتم وفق منطق رابح- رابح، كما يقال في الإعلام، ها هي كل الدلائل تشير الآن إلى شدة وحدة الموقف الأوروبي في مواجهتها، مع صرامة أوروبية لا يتوقع أن تترك شيئاً للصدفة، وقد عبرت عن ذلك الأجواء الصعبة للقائها مؤخراً مع رئيس المجموعة الأوروبية جان كلود يونكر والمفاوض الأوروبي المعني بالبريكسيت ميشل بارنييه. كما بدا أيضاً أن رهانها على استمالة بعض الدول أعضاء الاتحاد بإغراءات تجارية واقتصادية لم تحقق الأهداف. والحاصل أن الخروج البريطاني، تقول الصحيفة، سيكون خروجاً صلباً وصعباً وباهظ الثمن، وليس خروجاً ناعماً أو مجانياً تتحلل فيه لندن من التزاماتها الأوروبية، وتبقي فيه على مكاسبها الاقتصادية والتجارية مع دول الاتحاد. إعداد: حسن ولد المختار