في الأسبوع الماضي، أعلن رئيس لجنة المراقبة في مجلس النواب الأميركي، وهو «جمهوري» موالٍ للحزب، أن مستشار الرئيس ترامب السابق لشؤون الأمن القومي، ربما يكون قد خرق القانون، عندما قبل أموالاً من ذراع من أذرع الحكومة الروسية. هذا إعلان مهم، ليس فقط بسبب ما يقوله عن المستشار المقصود- الليفتنانت جنرال (فريق) المتقاعد مايكل فلين- وإنما بسبب حقيقة أنه في كثير من الأحوال، قد يكون التستُّر على الجريمة أسوأ من الجريمة ذاتها. ومن الحقائق الدالة على ذلك، أنه في عام 2015، وقبل انضمامه إلى حملة ترامب الانتخابية، استلم فلين 33.750 ألف دولار من شبكة تلفزيون «روسيا اليوم» الحكومية، وباعتباره جنرالاً متقاعداً، كان «فلين» بحاجة إلى الحصول على إذن رسمي من وزارة الدفاع، قبل أن يتعامل مع وكالة تابعة لحكومة أجنبية، ولكن ليس هناك دليل على أنه فعل ذلك. وفي الآونة الأخيرة فتح البنتاجون تحقيقاً حول المسألة لكشف كل تعاملات الجنرال والملابسات المرتبطة بها. يذكر في هذا السياق أن «فلين» قد أقيل من منصبه بعد 24 يوماً من تعيينه، ليس بسبب الأموال التي تلقاها من روسيا، وإنما لأنه كذب على نائب الرئيس «مايك سبنس»، بشأن مجموعة أخرى من الاتصالات، التي أجراها مع الحكومة الروسية. هنا يخطر على الذهن سؤال: ماذا فعل البيت الأبيض عندما طلب رئيس لجنة المراقبة في مجلس النواب، المستندات المتعلقة باتصالات الجنرال الأجنبية؟ ما فعله البيت الأبيض، أنه رفض التحقيق بالكامل، بحجة أن معظم سجلاته لا تدخل في نطاق اختصاص اللجنة المذكورة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل ذهب المتحدث باسم البيت الأبيض «شون سبايسر» إلى حد وصف الطلب بأنه «غريب». رد فعل البيت الأبيض، وتصريح المتحدث باسمه جعلاه يبدو كما لو كان يحاول التغطية على «فلين»، أو ما هو أسوأ من ذلك، إقناعه بعدم الكلام، وبقيامه بذلك يكون موقف البيت الأبيض، قد تصادم مع موقف النائب جيسون تشافيتز (جمهوري- يوتا) رئيس لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي بمجلس النواب، الذي كان حتى هذه اللحظة من أشد المدافعين عن ترامب. هذا الخبر، ربما يكون، وإن بطريقة غريبة، خبراً جيداً، لأنه يشكل دليلاً من بين أدلة عديدة، على أن التحقيقات التي يقودها أعضاء من الحزب «الجمهوري» في الكونجرس، ليست طويلة وبطيئة إلى حد الملل، كما تبدو للوهلة الأولى، فتحقيق لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، على سبيل المثال، انهار تقريباً الشهر الماضي، عندما جعل رئيسه النائب «ديفين نيونيس» (جمهوري- مقاطعة تولير- كاليفورنيا) من نفسه أضحوكة، عندما دافع عن اتهام كان ترامب قد وجهه لبارك أوباما يقول فيه إن الرئيس السابق تنصت على «برج ترامب». حالياً هناك رئيس جديد لهذا التحقيق، هو النائب «كيه، مايكل كوناوي»، (جمهوري - تكساس) الذي يحظى بالاحترام من قبل الحزبين. «لقد عدنا مرة أخرى إلى المسار السليم» كان هذا ما قاله «آدام بي شيف من بربانك» الذي يعتبر أعلى «الديمقراطيين» مرتبة في اللجنة عن ذلك التحقيق. والآن نجد أن لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ تتحرك هي الأخرى للأمام ببطء للأمام بشأنه. في الوقت ذاته، دشن السيناتور ليندسي جراهام، من ساوث كارولينا تحقيقاً مصغراً في لجنة أخرى، تحسباً لتباطؤ لجنة الاستخبارات في تحقيقها. يبدو الأمر، في مجمله، كما لو أن إدارة ترامب، قد أججت منافسة حامية بين أعضاء الكونجرس، على من منهم يجري أفضل تحقيق ممكن، في حين أن الحقيقة هي أن «الجمهوريين» يحاولون التغطية على رهاناتهم. يمكن القول بناء على ما سبق، إن هناك أسباباً معقولة تدعونا للقلق من احتمال أن تغطي موضوعات أخرى عديدة، على الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حتى الآن، عن التدخل الخارجي في انتخابات 2016، والقلق كذلك من أن احتمال أن تؤدي كثرة هذه الأسئلة، إلى إغراء «الجمهوريين» الموالين بجرجرة أقدامهم، والتباطؤ في التحقيقات، ولكن الأسبوع الماضي يؤشر أنه على الرغم من أن التحقيقات لا تتحرك بسرعة كبيرة للغاية، كما هو مأمول، فإنها تزداد جدية مع ذلك، وأن ذلك ينطبق على الحزبين، بدرجة ما. *كاتب عمود في «لوس أنجلوس تايمز» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»