ماكرون- لوبن.. من يكسب رهان 7 مايو؟ لوفيغارو في صحيفة لوفيغارو نشر الكاتب اليميني إيفان ريوفول مقالاً بعنوان: «إيمانويل ماكرون، الرئيس السابق لأوانه»، انتقد فيه بقوة المرشح متصدر الانتخابات الرئاسية في شوطها الأول، الذي أجري يوم الأحد الماضي، مبرزاً في هذا الصدد أن الاستحقاق الحاسم في الشوط الثاني المقرر في الأسبوع الأول من شهر مايو المقبل، يتوقع الجميع الآن فوز مرشح «الوسط» ماكرون فيه، في حين لا تكاد منافسته مارين لوبن زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، تدخل في سياق التوقعات بالفوز، هذا على رغم أن 61% من المشاركين في استطلاع رأي أجري مؤخراً اعتبروا أن حملتها كانت «ناجحة» بكل المقاييس. ولكن يبقى ماكرون مع ذلك هو مرشح النسق السياسي العام، ومحل إجماع من نخب اليمين واليسار التقليديين، فضلاً عن اليسار المتطرف. ومع ذلك لا يتمتع مرشح النسق والإعلام هذا بأي بريق، حتى الآن، لا في مشاكاساته، ولا في واقعيته! بل إن ماكرون نفسه يعطي الآن الانطباع بأنه بات يتصرف وكأنه قد انتخب رئيساً سلفاً. وقد صرح الناطق باسمه بنيامين جريفو، بأن قائد حركة «إلى الأمام» قد خصص جزءاً كبيراً من وقته يوم الاثنين الماضي، صبيحة فوزه في الدور الأول، «للتواصل مع القادة الأوروبيين»! وهو ما يعني أن رئاسة ماكرون، ولدت، عملياً، قبل موعدها، وحتى قبل فوزه الفعلي في الدور الثاني في 7 مايو المقبل! ومع ذلك يرى الكاتب أن وضع ماكرون السياسي، على رغم كل هذا الدعم الذي ينهال عليه من أحزاب وساسة اليمين واليسار معاً، يبقى هشاً وغير مؤكد، في النهاية. وقد اعتبر مراقب وأكاديمي فرنسي متخصص هو دومينيك رانييه، في مقال نشره في لوموند يوم الثلاثاء الماضي، أن شعبية ماكرون الانتخابية في الشوط الأول لم تتجاوز في الحقيقة نسبة 18,9% من المسجلين. ولذا فإنه ينبغي ألا ينخدع أحد، أو يفكر بطريقة التمني، فيما يتعلق بصعوبة مهمة ماكرون في الفوز بالشوط الثاني، وخاصة في ظل ظاهرتي التصويت العقابي والتشتت الانتخابي. ولذا يُتوقع في المناظرة المبرمجة بين المرشحَين ماكرون ولوبن، في 3 مايو المقبل، أن تحشره زعيمة «الجبهة الوطنية» في الزاوية، وتقدمه على أنه المرشح المفضل لهذه الطبقة السياسية المحظية التي لا تمثل مع ذلك سوى الأقلية، والمنفصلة عن هموم واهتمامات الفرنسيين العاديين وهم يتجرعون تداعيات الليبرالية المتوحشة والعولمة والانفتاح المفرِط! وهي طبقة تنكرت، من وجهة نظر لوبن، لقرار الفرنسيين الذين قالوا بأغلبية 55% «لا» للدستور الأوروبي في سنة 2005. ولذا فإن الخطاب الشعبوي الذي يرفعه ماكرون، ليس سوى نوع من نسج الخيوط من الخيال! واعتبر الكاتب أخيراً أن اتهام ماكرون لمنافسته بالقومية المتطرفة يعتبر في حد ذاته دليلاً على أن «الجبهة الوطنية» قد ربحت سلفاً معركة الأفكار. وليس سيل الأعلام الفرنسية ثلاثية الألوان الذي يغطي سماء كل مهرجان انتخابي سوى دليل على هزيمة محققة للخطاب ما بعد القومي، وما بعد الوطني! وهنا راح الكاتب يكيل الانتقادات لبعض مواقف ماكرون من قضايا تاريخية وطنية مثل حرب الجزائر التي وصفها هذا الأخير بشجاعة بأنها جريمة بحق الإنسانية. وفي المجمل، يقول ريوفول، فإن استحقاق يوم 7 مايو سيكون بمثابة استفتاء على مستقبل الأمة، وهويتها، وتعايشها السلمي. ليبراسيون نشرت صحيفة ليبراسيون، أول من أمس الجمعة، افتتاحية بعنوان: «الامتناع عن التصويت، حذار!»، قال كاتبها آلان جوفرين إن ثمة نزوعاً محتملاً لدى جمهور اليسار للامتناع عن التصويت، أو التصويت المحايد أو بالورقة البيضاء، فحجم النقمة على الطبقة السياسية السائدة، وعلى النزعة الاجتماعية- الليبرالية، قد يدفع كثيرين لعدم تكليف أنفسهم عناء الذهاب إلى صناديق الاقتراع، أو حتى للشعور بنوع من الاقتناع بأهمية الإدلاء بأصواتهم في شوط ثانٍ بين ماكرون- لوبن. فهل هذا معقول؟ يتساءل الكاتب! لكي نجيب «نعم»، يلزم التغاضي عن حزمة من التناقضات. وهنا راح الكاتب يبين للناخبين الفرنسيين مخاطر العزوف عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع لضمان عدم فوز مارين لوبن، بما يحمله مشروعها السياسي من تهديد للديمقراطية ولقيم الحرية والمواطنة. وحتى لو أخذنا موقفاً سلبياً من برنامج ماكرون الاقتصادي، واعتبرناه غير متبلور، أو غير واضح أو مقنع بالقدر الكافي، فهل يبرر هذه المجازفة بترك الباب مفتوحاً أمام برنامج لوبن الذي نعرف عنه كل شيء تقريباً. ودعا الكاتب الفرنسيين للانخراط في مجهود موحد للدفاع عن قيم الجمهورية ومصالحها وروحها الجامعة ومبادئها الداعية للمساواة والعدالة الاجتماعية في وجه النزعة اليمينية المتطرفة داخلياً، والانعزالية خارجياً، التي يحملها برنامج «الجبهة الوطنية». ومن هنا فإن كل من يؤمن بالقيم الجمهورية مدعو لسد الطريق أمام فوز لوبن، وهو ما يعني بالتبعية التصويت للبديل وهو ماكرون، مهما كان الموقف منه ومن برنامجه، لأنه فهو الخيار الجمهوري الوحيد المتاح في الشوط الثاني. لوموند في سياق متابعة التصعيد الراهن بين واشنطن وبيونج يانج نشرت صحيفة لوموند افتتاحية بعنوان: «دونالد ترامب في مواجهة كوريا الشمالية، لعبة خطيرة في منطقة المحيط الهادي»، قالت في مستهلها إن هذا التصعيد يدعو حقاً للشعور بالقلق، وذلك بالنظر إلى مزاج كل من الزعيمين الكوري الشمالي والأميركي، حيث إن كيم يونج أون، معروف عنه نزعته العسكرتارية المتطرفة، وصعوبة التنبؤ بسلوكه وردود فعله وتصميمه الشديد على الاستمرار في برنامجه النووي والصاروخي حتى النهاية، وفي المقابل يتميز الرئيس الأميركي ترامب أيضاً بصعوبة توقع تصرفاته أو ردود فعله، كما تعهد مؤخراً علناً وبشكل قاطع بتسوية المشكلة الكورية الشمالية مهما كلف ذلك. ومن هنا فإن نشوب صِدام بين هذين الزعيمين، وهما من النوع الذي لا يمكن أن يتفاهم أبداً، يدعو للاعتقاد بأن الموقف قد يخرج عن السيطرة في أية لحظة، ولأي سبب كان. وأخطر من هذا كله أن مفهوم الردع النووي الذي نجح في إبعاد أي مواجهة مدمرة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة طيلة عقود الحرب الباردة، قد لا يفعل فعله في هذه الحالة الآن، لغياب النزعة العقلانية لدى الطرفين في مقابل ما تحلى به القادة السوفييت والأميركيون خلال الحرب الباردة من عقلانية شديدة، أدت بهم لتوقيع سلسلة اتفاقات كثيرة لترويض جموح الصراع والسباق النووي. والآن مع تكرار ترامب التهديد والوعيد لكيم، ورفع هذا الأخير أيضاً قفاز التحدي من جانبه مهدداً كوريا الجنوبية اليابان وحتى أميركا، يكون العالم في مواجهة احتمال نشوب صراع مدمر، لا أحد يعرف ما سيترتب عليه، إن لم تتغلب العقلانية والواقعية السياسية على لغة القوة الخشنة والتهديد، وتكسب جهود التسوية الدبلوماسية الرهان في النهاية بدلاً من كل ذلك. إعداد: حسن ولد المختار