تتفرج تنظيمات «الإخوان» في العالم العربي على عنف الجماعات الإرهابية من دون أن تحرك ساكناً. هذه التنظيمات لا تريد أن تتذكر بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس. وهي التنظيمات التي يفترض أن تكفر عن ذنبها الكبير، حين نشرت لأول مرة في التاريخ الإسلامي المعاصر، فكرة تكفير المجتمع الإسلامي وتكفير الحكام وتكفير الجماعات العرقية والدينية، خاصة على يد سيد قطب. وفي الدول التي تمارس فيها جماعات الإرهاب قتل الأبرياء، نجد أن جماعة «الإخوان» تتحدث باستحياء عن رفض العنف، وتحاول ألا تخسر جماعات الإرهاب. وفي بعض الدول العربية نجد حفلة مزايدة على التشدد بين «الإخوان» والجماعات الإرهابية، رغم أن جماعة «الإخوان» هي جماعة سياسية، وليست جماعة دينية، وهي جماعة تمارس في كل قطر عربي تبريراً لمواقف متناقضة مع جماعتها في قطر عربي آخر، حسب المصلحة الحزبية وليس حسب القاعدة الشرعية. الفكر «الإخواني» هو أخطر أنواع الفكر السياسي الإسلامي، لأنه يعتمد على الانتهازية السياسية. فالإنسان يحتاج إلى فكر عميق ليعرف ما هو موقف «الإخوان» من القضايا المفصلية المطروحة في العالم العربي، وما هو سبب الانتقال من النقيض إلى النقيض في المواقف والأطروحات، حسب المصلحة الحزبية. عباءة «الإخوان» الفضفاضة، تضم تلاوين من التناقضات والشخصيات التي لا يجمعها جامع. فـ «إخوان» الكويت ضد حقوق المرأة السياسية، بينما «إخوان» مصر يرشحون نساء على قوائمهم. و«إخوان» الأردن ضد الحكومة العراقية التي يعتبرونها «عميلة»، و«إخوان» العراق يشاركون في الحكومة وفي العملية السياسية. و«إخوان» اليمن يتحالفون مع الحزب الحاكم في الصباح، ويهددون بالتحالف مع اليسار ضد الحكومة في المساء. «إخوان» مصر وقفوا مع الملك ووصفوه بصفات هي أقرب إلى التقديس، ثم حاولوا التحالف مع جمال عبد الناصر حتى انقلب عليهم. وعندما ضربهم عبد الناصر لجأوا إلى بعض دول الخليج، وشاركوا في نشر الفكر المتطرف في هذه الدول، مستفيدين من أجواء التسامح. «الإخوان» يستمرون في مشاركة الجماعات الإرهابية في معظم فكرهم، أو أنهم يلجأون إلى التقية والصمت على جرائم هذه الجماعات في العديد من الدول العربية. ومع ذلك هم يقدمون أنفسهم للعالم بمظهر الاعتدال. ثمة شيء واحد مشترك لهم في كل دولة: وهو اتباع كل أسلوب، وأي تحالف لأجل البقاء في السلطة. لا يهم أن يكون الحاكم ملكاً أو رئيساً، أميراً أو طاغية، وحتى تحت الاحتلال ستجد «إخوان» تلك الدولة يشتركون بالحكم من جهة لكنهم يدعمون الإرهاب من جهة أخرى. سياساتهم تقوم على جعل الإنسان العربي المسلم يعيش في متاهة بين الخير والشر، وكله على أيدي من يدّعون الإسلام. حتى تحالفاتهم مع من يدعمهم ويساندهم، فكلها تقوم على المصالح. ينظرون للدول كأرصدة مصرفية لديهم الحق في أن يستولوا عليها. من وافقهم ودفع وأنفق، فهو حليف حميم. ومن كان صارماً معهم ومتصدياً لفكرهم وفتنهم، فإنه في مرمى سهامهم يحاولون النيل منه ومن كل ما يمثله من قيم. «الإخوان» يريدون خزنة مال تُموّل مشاريعهم في شمال أفريقيا، فيستهدفون الدول الثرية ويحرقونها بالفتنة. يريدون خزنة أخرى في الخليج فيشوهون أجمل ما تم بناؤه من تجارب وطنية وإنسانية. المهم لديهم تمويل المشروع حتى لو بالفتن والحروب. هؤلاء هم «الإخوان». لا مكان لـ «الإخوان» في الإمارات. فالتلاحم الشعبي أقوى من مؤامراتهم. وليس في بضاعتهم ما يقدمونه للإماراتيين ممن حسموا أمرهم منذ زمن طويل ملتفين حول قيادتهم. إنها القيادة التي بنت الدولة الحديثة على أسس من الأواصر الجامعة لكل الشعب، وهي القيادة التي عملت لتحويل الدولة خلال أقل من نصف قرن إلى محط لأنظار العالم، وإلى نموذج للتقدم والرقي. ولعل الأهم في هذا كله أن التطور الذي حدث عزز من قيمنا العربية والإسلامية الأصيلة. وهي بالتأكيد ليست تلك القيم المفتعلة التي يريدون الترويج لها، وخاب فالهم. بلد الأمان لا يرى في «الإخوان» إلا الفتن التي لم يتركوا أرضاً إلا وأشعلوا فيها نارهم، حتى أن فتنتهم قد طالت العرب المسلمين من المهاجرين والذين يرون أنفسهم الآن في موقع الشك من الغربيين بما فعلوا من تغييرات في نهج الجاليات وروحية الحياة بين شعوب متسامحة. الدين لا يعرف أحزاباً ولا يعرف تنظيمات، إنما الدين لله وحده. ويكفي «الإخوان» عملاً بالسياسة باسم الدين. الفكر «الإخواني» فكر متخبط وانتهازي يتسم بالنفاق السياسي، وهو فكر طائفي ومتعصب قولاً وعملاً، و«الإخوان» هم الداعم الرئيس للمنظمات التكفيرية، وهو المخزن الاحتياطي لتلك الجماعات يمارسون من خلالها طائفيتهم وفتنتهم جهاراً نهاراً بلا استحياء ومن دون رادع وطني أو وازع من ضمير.