هنالك أخبار إيجابية تستحق الذكر والإشادة لأنها تعزز مكانة المرأة العربية، منها مثلاً تعيين تسع نساء مغربيات في الحكومة المغربية الجديدة برئاسة سعد الدين العثماني، كذلك تأهل فريق كرة القدم الأردني للنساء لدخول نهائيات آسيا لكرة القدم.. وهنالك استثناءات لتحسن أوضاع المرأة في بعض الأقطار العربية، وتحديداً في المغرب وتونس، حيث يختلف وضع النساء في تونس مثلاً عن وضع النساء في الوطن العربي. تونس هي الدولة العربية الرائدة في مجال المساواة بين الجنسين، فالمرأة التونسية تتمتع بوضع قانوني أفضل من نظيراتها في جميع الدول العربية. ومن الحقوق التي نالتها المرأة التونسية تغيير قانون الأحوال الشخصية بحيث أصبحت المرأة متساوية مع الرجل تماماً، وهذا يعني أنها تتمتع بحقوق المواطنة الكاملة، فعليها واجبات ولها حقوق. ومن الحقوق التي تحظى بها المرأة التونسية جعل الزواج مدنياً، وتحديد سن الزواج بـ18 عاماً للفتاة و20 عاماً للرجل، ولا يجوز إرغام المرأة على الزواج من دون رغبتها، كما يحق للمرأة اختيار زوج المستقبل. وفي حالة الطلاق لا توجد قوامة للرجل في هذا المجال، فالطلاق بيد المحكمة وليس بيد الرجل، وللمرأة حق طلب الطلاق (الخلع) وحق حضانة الطفل. قوانين الجنسية التونسية ضمنت للمرأة التي تقترن برجل أجنبي حق منح جنسيتها لأبنائها. وكذلك قوانين العمل، فقد كرّست هي أيضاً مساواة الجنسين. ويُشار إلى أن تونس من أوائل الدول التي منحت المرأة حق التصويت في الانتخابات، وذلك في عام 1956 في عهد الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة. واليوم يحق للمرأة التونسية الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية. لكن ماذا عن حقوق المرأة في معظم الدول العربية والإسلامية؟ صحيفة «الإندبندت» البريطانية خصصت عدة مقالات للكاتب البريطاني روبرت فيسك حول هذا الموضوع، ومن القصص التي ذكرها الكاتب قصة الفتاة الباكستانية التي تعرضت لاعتداء جماعي على أيدي عدد من الرجال، اغتصبوها الواحد تلو الآخر.. فماذا كان مصير هذه الضحية؟ في العالم الغربي تحصل الضحية على علاج طبي ونفسي، وعلى المزيد من العطف والاحتضان لطمأنتها وإعادة بناء شخصيتها وتتم ملاحقة المرتكبين ومحاكمتهم وفرض أشد العقوبات عليهم. لكن الرجال المعتدين على الفتاة الباكستانية هربوا من العقاب، أما الفتاة فواجهت الموت على أيدي والدها وإخوتها. وفي الضفة الغربية بفلسطين خنق رجل شقيقته (17 عاماً) لأنها حملت سفاحاً قبل الزواج، لكن المجرم الذي ضاجعها بالقوة واغتصبها هو والدها. والسؤال هو: لماذا يولي العرب والمسلمون أهمية كبرى لخطأ ترتكبه امرأة وليس للخطأ الذي يرتكبه الرجل؟ لماذا لا يتم تحرير وإنصاف المرأة العربية في المشرق العربي مثل أخواتها في شمال إفريقيا وتحديداً في تونس والمغرب. هنالك أسباب كثيرة من أهمها طبيعة النظام الأبوي التقليدي الجامد الذي مايزال متغلغلاً في جميع جوانب المجتمع والدولة، كما أن الفتاوى الدينية تؤثر سلباً في تشريعات المساواة والدمج، لا يمكن لوضع المرأة أن يتحسن مادامت الأمية والفقر والجهل مرتفعة ومادام الفساد والبطالة متفشيين في مجتمعنا ودولنا.