طالت الأزمة في اليمن في ظل تهرب الانقلابيين من التفاوض مجدداً مع الحكومة الشرعية للتوصل لحل سياسي يوقف التداعيات وما ينجم عن التمرد من انهيار للأوضاع الإنسانية للسكان. وهذه هي طبيعة الفوضى حين تندلع في أي مجتمع فيكون المتضرر الأكبر منها هم البسطاء، أما الحوثيون وحليفهم المخلوع فقد أصبحت الحرب بالنسبة لهم بيئة للمتاجرة بالمساعدات الإغاثية وفرض أتاوات واختلاق منافذ جمركية غير شرعية تطال حتى المساعدات الأممية. وكانت الإمارات قد أعلنت موقفها تجاه ما يجري في اليمن مجدداً أمام المناقشة العامة لمجلس الأمن مؤخراً، حيث أكد بيان دولة الإمارات أن السبيل الوحيد لتسوية الصراع في اليمن يتجسد في عملية سياسية مبنية على القرار 2216، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني. ونوه بيان الإمارات إلى أنه ولحين تحقيق سلام دائم في اليمن، يجب أن تكون الأولوية هي العمل على ضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى السكان المدنيين. ومقابل مماطلة الحوثيين للشروع في حوار جاد لإقفال ملف التمرد، تتمسك الحكومة الشرعية اليمنية بمرجعيات التفاوض والحوار على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة ومخرجات الحوار الوطني، وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي 2216، الذي من شأنه أن يحقق السلام الدائم وينهي المعاناة التي يعيشها اليمنيون، بحسب التصريحات والمواقف المعلنة لطرف الشرعية. لكن استمرار التمرد وعدم مراعاة الانقلابيين للأوضاع الإنسانية أدى إلى التحرك الجاد بهدف تخفيف الأضرار عن المدنيين، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم. ولأجل هذا الهدف عقدت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي في مقرها بجنيف اجتماع تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2017 برعاية سويسرية سويدية، وبرئاسة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والوكيل المساعد للأمين العام للأمم المتحدة ستيفن أوبراين. وبمناسبة الاجتماع، التقى سفراء دول مجلس التعاون الخليج العربي برئيس الحكومة اليمنية الشرعية، لمناقشة وإنجاح دعوة إغاثة اليمن. وبالفعل خرج اجتماع جنيف بحزمة مساعدات مالية، وتبرعت الدول الخليجية بمفردها بمبلغ 350 مليون دولار للشعب اليمني، وضِمن المساهمة الخليجية مبلغ 100 مليون دولار أميركي أعلنت دولة الإمارات تقديمها لدعم اليمن خلال 2017 مع وعد متجدد بأن الإمارات لن تتوانى عن دعمها للشعب اليمني الشقيق والوقوف إلى جانبه في محنته. وتم الكشف خلال مؤتمر المانحين في جنيف أن دولة الإمارات قدمت أكثر من ملياري دولار لليمن، منذ أبريل 2015، على شكل مساعدات إنسانية وتنموية وبرامج إعادة التأهيل والإعمار التي استهدفت القطاعات الأساسية المختلفة كالبنية التحتية والصحة والإسكان وتوفير الميزانيات التشغيلية، وغيرها، وأن مجمل المساعدات استهدفت 10 ملايين مواطن يمني بينهم نحو 4 ملايين طفل. وفي تفاصيل سلسلة المساعدات الإماراتية المتواصل لليمن، تم تقديم ما يزيد على 172 ألف طن من المواد الغذائية منذ بداية الأزمة لمواجهة النقص الحاد في الغذاء، وتم تطعيم 488 ألف طفل ضد شلل الأطفال، وتقديم الأدوية والعقاقير وسيارات الإسعاف لدعم القطاع الصحي، وتوفير الاحتياجات الصحية والغذائية الضرورية للسكان المحليين في المحافظات اليمنية، مثل عدن وتعز والحديدة، فيما أعادت الإمارات، بناء وصيانة أكثر من 270 مدرسة، وعملت على إعادة إعمار 40 مستشفى وعيادة في مختلف المحافظات. وفي مجال النقل تمت إعادة بناء وتأهيل مطار وميناء عدن، وأيضاً مطار الريان بحضرموت، وكذلك ميناء ومطار سقطرى، لتساهم في دخول المواد الإنسانية، ويجري العمل على تأهيل ميناء المخا الذي يمكن استخدامه كمنفذ إضافي للمناطق القريبة منه. وجاءت رعاية الأمم المتحدة لاجتماع تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2017 في وقتها، وبخاصة بعد تزايد مؤشرات شبح مجاعة في بعض المناطق اليمنية، نتيجة لاستمرار الانقلابيين في تعطيل مؤسسات الدولة واستخدام الإمكانات والموارد لتمويل التمرد ضد الشرعية. كما جاءت المساهمة الإماراتية والخليجية معبرة عن توازي الجهود الخليجية الشاملة لدعم الشرعية في اليمن، ومدى الأولوية التي يحظى بها الملف الإغاثي الإنساني. وحتى لا تتضاعف التداعيات في هذا الجانب بشكل أخطر، يتوجب على الأمم المتحدة والفاعلين الرئيسيين في الملف اليمني الضغط على المتمردين للعودة إلى مسار التفاوض، مع تحديد سقف لإنهاء الأزمة من جذورها ووضع حد لمعاناة المدنيين.