لعب الرئيس دونالد ترامب بالفعل عدداً هائلاً من مباريات الجولف خلال المئة يوم الأولى، وعلى رغم ذلك، يقول إنه يحتاج إلى راحة! وفي الحقيقة، أشعر بالتعاطف معه. وأنا أيضاً أحتاج إلى راحة.. منه، ومن الكتابة عن هجومه بلا كلل على الحقيقة والعلم. ويا له من أمر يسبب السأم! ولذا أستريح اليوم بالكتابة عن «الجولف» في دبي، حيث شاركت مؤخراً في مؤتمر حول التعليم. والحقيقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وحكومتها التي تضم وزارات التسامح، والسعادة، والشباب التي تتولاها وزيرة عمرها 23 عاماً، جعلت دبي في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، مكاناً يمكن للشباب العربي أن يعيش فيه محلياً ويتصرف عالمياً. وهي أكثر مدينة إثارة للاهتمام في قلب العالم العربي في الوقت الراهن. ويمكنك أن تصادف أكثر الشخصيات غير المتوقعة هناك، ولاسيما على مضمار الجولف، حيث تبدأ قصتنا. فهنا في دبي، يلعب المسلم والهندوسي الجولف سوياً. ويبدو ذلك بالنسبة للبعض أنه بداية مزحة، ولكن في الواقع هي بداية واحدة من تلك القصص العارضة التي تحدث كثيراً عندما تلعب جولف في الخارج. وفي حالتي، تمت دعوتي للعب في نادي الإمارات مع خبير تعليم إماراتي، ومدرب «اليوجا» الشهير، الشاعر والمتصوف، «جاجي ياسوديف»، والمعروف باسمه الذي يحظى بتوقير كبير «سادجورو». وعندما وصلت إلى نقطة الانطلاق الأولى، أدركت أنني لن أخوض جولة عادية. فـ«سادجورو» هو مؤسس «إيشا»، وهي حركة بيئية إنسانية تتخذ من الهند مقراً لها ولديه ملايين الأتباع (وبعض المنتقدين أيضاً)، وكان عدد منهم في المضمار، لأن المساعدين والموظفين حرصوا على التقاط «السيلفي» مع «سادجورو»، وأدوا له التحية الهندوسية التقليدية. والطريف في الأمر أن «سادجورو» لم يكن يرتدي زيهم التقليدي متعدد الألوان، وإنما كان يرتدي قميص جولف رمادي اللون، من ماركة «أندر آرمور»، وسروال جولف ضيقاً، وقبعة مرنة. والعلامتان الوحيدتان اللتان تدلان على شخصيته هما سوار يظهر أعلى حذاء الجولف الذي ينتعله وأطول لحية بيضاء معفية رأيتها لأي شخص في نادٍ. وقد أدمن «سادجورو» على لعب الجولف لدى زياراته لأتباعه في الولايات المتحدة الأميركية. وعلى رغم وجود زهاء 15 حاجزاً، يمكنه أن يدفع كرة الجولف 220 ياردة، مسجلاً ضربات أعلى من المعدل. وكمدرب «يوجا»، لم يكن من المفاجئ أنه كان قد بحث في أعماق معنى لعبة الجولف، والتي وصفها في حوار مع مجلة «إيشا» التابعة لمنظمته قائلاً: «إن بساطتها تجعل الجميع يحاولون ممارستها، ولكن صعوبتها تجعل الجميع تقريباً يشعرون بالإحباط منها»، مضيفاً: «إن الجولف مثل الحياة و(اليوجا)، فالناس يتيهون فيهما عندما (لا يشعرون بالاستقرار في داخلهم)». وقد كان «سادجورو» منفتحاً على كافة «النكات»، ولذا بينما كنا ننتظر عند نقطة الانطلاق الثالثة، أخبرته وشريكنا المسلم، عن أفضل «طرفة عن الجولف واليهود» بالنسبة لي، وتقول: «إن ثلاثة أشخاص كانوا في مضمار عام، عندما جاء الحَكم وقال لهم: هل تمانعون في أن يلعب معكم هذا الحاخام؟ فأجابوه أنه لا توجد مشكلة. وعندئذ تقدم الحاخام إلى نقطة الانطلاق، يحمل حقيبة جولف بالية وقبعة يهودية بدلاً من قبعة الجولف، لكنه عندئذ تصدر بـ69 ضربة فقط. وبعد يومين، التقيت «جيبي تشيريان»، الذي كان يدير وحدة خدمات الأعمال العالمية التابعة لـ«آي بي إم» في الهند، قبل أن يستقيل في 2015 لبناء «أكاديمية سادجورو للقيادة»، وسألته عن رسالة مدرب «اليوجا» لشباب القادة. فأجاب «تشيريان»: «إن (سادجورو يرى أن القيادة تضحية كبيرة وليست قوة للهيمنة». وتابع: «إن أفضل القادة هم الذين يعملون في البداية على تغيير أنفسهم لتحقيق القدرات الداخلية الضرورية، فعندما تتغير من الداخل يمكنك أن تحقق ذاتك بأسلوب شامل، وإذا ما تمكنت من فعل ذلك، عندئذ ستحول المجتمع الذي تعيش فيه، ومن ثم العالم». وفي هذه الأثناء، تذكرت أنني أعرف قائداً في لعب الجولف، عليه أن يتدبر هذه الرسالة ملياً، ولكنني مثلما وعدت، لن أكتب عن ترامب اليوم! -------------------- توماس فريدمان* يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»