في مصابنا الجلل بوفاة ولدنا المغفور له هيثم عبدالله زمزم، رحمه الله، كان على رأس المعزين، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله ورعاه، وهي لفتة كريمة من شيخ كريم الخلق، كبير المقام، طيب الأصل والمنبت، ذي مناقب لا تعد لا تحصى. كانت زيارة الشيخ محمد بن زايد لسرادق العزاء قمة الاهتمام بأبناء هذا الشعب، صغيرهم قبل كبيرهم، فقيرهم قبل غنيهم، وبعيدهم قبل قريبهم، حيث كان وجوده بين أهل الفقيد مدعاة للإعجاب منقطع النظير بشخصية هذا القائد الفذ الذي رغم مشاغله الكثيفة كلف نفسه عناء القدوم إلى العزاء مقتطعاً من وقته الثمين فترة لا يستهان بها في التخفيف عن والد المرحوم وكافة أهله وذويه معاناة الفراق لشاب في مقتبل العمر منعم بالحيوية والنشاط والهمة والمثابرة في تأدية مهامه الوظيفية، وهو دائم الابتسامة وبروح مرحة. والمهم في الأمر، هو أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، كان أثناء التعزية شديد الاهتمام بوالد المرحوم المفجوع وجميع ذويه الموجودين في العزاء، حيث عانقهم فرداً فرداً واطمأن على أحوالهم، مبدياً أسفه الشديد على فقدان شاب من أبناء الوطن قضى نحبه وهو يؤدي واجبه، الأمر الذي ترك في النفوس حباً شديداً للشيخ محمد، وتقديراً لا يمكن وصفه لكل ما يقوم به تجاه الوطن والمواطنين. والحقيقة أن الشيخ محمد بن زايد يثبت لنا جميعاً أبناء الإمارات في كل لحظة أنه له أسلوبه الفريد في الاهتمام بشعب الإمارات كافة وبأنه يحبهم جميعاً دون تمييز، ويولي راحتهم وسعادتهم كل جهد يستطيعه لتحقيق ذلك لهم، وهذه هي قمة الحكمة والمعرفة الحقيقية بفنون القيادة التي يمكن لها أن تنعكس إيجاباً على ما تشهده دولة الإمارات كوطن يضم الجميع، ويقوم محمد بن زايد بضمهم إلى صدره واحتوائهم تحت جناحيه. غني عن القول إن القادة الحقيقيين، ذوي الهامات العالية هم الذين يشاطرون شعوبهم كل شيء، المحزن قبل المفرح، ويشركون شعوبهم في كل ما له علاقة بالوطن ومقدراته وبنيانه ونهضته ورفعته وسؤدده، وكل ما يعلي من شأنه، ومحمد بن زايد من هذا الطراز الفريد من القادة الأوفياء والمخلصين، إلى درجة أن ما يمارسه من فنون القيادة يجعلنا أبناء شعب الإمارات نشعر بالفخر والاعتزاز والعزة والكرامة بأن لدينا قادة أفذاذاً على رأسهم، محمد بن زايد الذي يقدم الأنموذج الرائع والقدوة الحسنة لطراز فريد من القادة، فهو ماض في أداء مهمته نحو تطوير الوطن ورقي المواطنين وإسعادهم كلما أتيحت له الفرصة للقيام بذلك. وعندما أبادر في طرح مثل هذه الآراء والأفكار، إنما أقول ذلك عن تجربة شخصية وواقع معاش، فمحدثكم أحد أهل الإمارات الذين جلسوا في حضرة شيخنا الكريم وتحدثوا إليه وجهاً لوجه، فلمست فيه بأن الرجل محب لأهله مواطني الإمارات جميعاً ويسعى إلى خيرهم ورفعة شأنهم، ويحرص على أمنهم وسلامتهم وحمايتهم من كل شر يحيط ويحدق بهم. ومنذ توليه ولاية العهد، ونحن نتابع أعماله الرائدة والجليلة في تطوير البلاد ورعاية العباد، ويفرحنا ما يحدثه من تغييرات في بنى الدولة والمجتمع، ومن تحولات في أسس الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية. لقد التقيته ذات مرة في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان يقوم بزيارة رسمية لها، ورغم مشاغله الكثيرة ومسؤولياته الجمة ووقته الثمين المحدود، إلا أنه منحني الفرصة للقاء سموه، وتحدث إليّ على انفراد في جلسة إخاء صافية، حيث كان بسيطاً في استقبالي ولقائي والترحيب الحار بي وكأني واحد من أهل البيت ولست مواطناً عادياً بسيطاً أراد لقاءه والسلام عليه ليس إلا. نيابة عن أهل الفقيد، أتقدم إلى شيخنا العزيز بالشكر الجزيل والعرفان والامتنان بجمائله وتشريفه لنا، حفظكم الله يا صاحب السمو، ولا أراكم مكروهاً في عزيز، فقد خففت تعزيتكم عنا كثيراً في مصاب جلل، وإنا لله وإنا إليه راجعون. د. عبدالله جمعة الحاج* *كاتب إماراتي