في يوم الاثنين 20 أبريل 2015، استيقظت أوروبا على أزمة اللاجئين العالمية، ونشرت الصحف في أرجاء العالم تقارير مرعبة عن وفاة أكثر من 800 طالب لجوء، غرقوا مع قاربهم قبالة السواحل الليبية. ودعا السياسيون إلى اتخاذ إجراءات، بيد أن ذلك لم يزد المشكلة إلا سوءاً. ووصل إلى أوروبا أكثر من مليون إنسان في ذلك العام، على قوارب متداعية عبر البحر المتوسط بداية، قبل أن يتحسسوا طريقهم سيراً على الأقدام إلى ألمانيا. وخلال ذلك الشهر، زار أكاديميان من جامعة «أوكسفورد»، هما «ألكساندر بيتس» و«باول كولير»، مخيم الزعتري للاجئين في الأردن. وبدا الوضع مأساوياً، حيث كان يعيش زهاء 80 ألف شخص في مدينة مؤقتة ويعتمدون على المعونات، بعد أن وصلوا هناك فارين عبر الحدود السورية القريبة. ورغم ذلك، كانت الحكومة الأردنية تنشئ منطقة اقتصادية خاصة بجوار المخيم، لإعداد البضائع للتصدير. ويتساءل «بيتس» و«كولير»، في كتابهما «اللجوء.. وتحويل نظام اللجوء المتداعي»: ألا يمكن إبرام صفقة لمساعدة كل من اللاجئين والاقتصاد الأردني، تقدم حافزاً كافياً لحمل اللاجئين في المخيمات الماثلة على اختيار عدم خوض رحلة خطرة صوب إيطاليا أو ألمانيا؟ ومع وصول عددهم إلى نحو 21 مليون نسمة، بلغ تعداد اللاجئين في العالم مستوى أعلى من أي وقت منذ عام 1945، ومن المرجح أن ينمو. ومعظم من وصلوا إلى أوروبا من السوريين، حيث فر خمسة ملايين سوري من الحرب الأهلية الطاحنة في بلادهم، ثم انضمت إليهم موجة من الأفغان والصوماليين والجنسيات الأخرى، جميعهم ضحايا العنف والاضطراب، من المستبعد أن تتلاشى سريعاً. ورغم أن وصولهم سبب حالة من الذعر في الدول الصناعية، فإن غالبيتهم العظمى تبقى في الدول النامية، التي تتحمل «الخيار المستحيل» بين البقاء في المخيمات لأجل طويل أو رحلات الموت. وتظل المخيمات الخيار المفضل للمنظمات الإغاثية، رغم أن نصف من يدخلونها ينتهي بهم المآل لعقدين أو أكثر، ويفضل معظم اللاجئين الخيار الثاني، فيتوجهون إلى المدن في دول مثل تركيا ولبنان من أجل العثور على وظائف بطريقة غير قانونية. وذلك الخيار يقدم جوهر الحل الذي يطرحه المؤلفان، أي السماح للاجئين بالعمل بصورة قانونية في الجوار الإقليمي لبلادهم. ويزعمان أن المطلوب هو صفقة تتضمن جانبين: أن توفر الدول الثرية مزيداً من الأموال للدول النامية القريبة من نقاط النزاع، وبالمقابل يحصل اللاجئون على تصاريح عمل ليظلوا قريبين من بلدانهم ثم العودة إليها أخيراً. ويقدم الكتاب تفاصيل أكثر حول هذه التوصية، لاسيما أنهما أكاديميا يحاولان علاج مشكلات العالم بدلاً من مجرد تحليلها. وقد ساعد الرجلان في مفاوضات «اتفاقية الأردن»، وهي صفقة عُقدت عام 2016، يمنح بموجبها الاتحاد الأوروبي الأردن ملياري دولار مقابل تصاريح عمل لزهاء 200 ألف سوري في المناطق الاقتصادية المعتمدة على التصدير. وقد لعبت شركات مثل «آسدا» البريطانية للتجزئة، و«آيكيا» السويدية للمفروشات، دوراً في هذه التجربة. ويؤكد المؤلفان أنه من الممكن إقناع مزيد من الشركات الكبرى بالانضمام إلى جهود مماثلة، باستخدام قوة سلاسل العرض العالمية، إلى جانب الوصول التفضيلي للأسواق الغربية، من أجل مساعدة أضعف شعوب العالم. وفيما يبدو ذلك الاقتراح مبتكراً، فإنه مثير للجدل عند التفكير فيه، خصوصاً أنه يزعم على عكس الإجماع السائد بين الليبراليين أن الدول الغنية يجب أن تسمح بدخول مزيد من اللاجئين. وينتقد المؤلفان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وخطابها الشهير في عام 2015، والذي حفّز مئات الآلاف على السعي إلى ملاذ آمن في أوروبا. وفيما لم يثبت بعد نجاح التجربة الأردنية، فإن إبرام صفقات مماثلة مع دول أخرى يبقى موضع شك. ويشير المؤلفان إلى نجاح أوغندا التي تستضيف نصف مليون لاجئ تسمح لهم جميعاً بالعمل، غير أنهما يقران بأن دولاً أخرى تعاني من مشكلات اللاجئين، مثل كينيا، لا تزال ضد فكرة تصاريح العمل، خشية أن يشجع ذلك القادمين الجدد على البقاء. وائل بدران الكتاب: اللجوء المؤلفان: ألكساندر بيتس وباول كولير الناشر: ألين لين تاريخ النشر: 2017