استطاع «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أن يرسِّخ مكانته واحداً من أهم المعالم الثقافية والفكرية، ليس لأنه يستقطب أقطاب الفكر والثقافة والأدب والإعلام من جميع أنحاء المنطقة والعالم فقط، بل لأنه تحوَّل إلى نافذة مهمة تسهم في إثراء النهضة الثقافية التي تعيشها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعريف العالم الخارجي بتراثها الثقافي والحضاري. والدورة السابعة والعشرون من المعرض، التي ستقام اليوم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله- وستستمر حتى الثاني من مايو المقبل في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض»، تؤكد بوضوح حجم التطور الذي يشهده المعرض باستمرار منذ انطلاقه، سواء فيما يتعلق بالنواحي التنظيمية، أو بتزايد عدد المشاركين، وأعداد الزائرين ودور النشر والدول المشاركة، حيث بلغ إجمالي عدد العارضين 1320 عارضاً، وذلك بزيادة قدرها 60 عارضاً على العام الماضي، يمثلون 65 دولة، بما يزيد على 500 ألف عنوان من أكثر من 30 لغة وبرنامجاً، كما يضم أكثر من 800 جلسة حوارية وندوة وورشة عمل. وقد أصبح «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» يمثل عنواناً للنهضة الثقافية التي تشهدها الإمارات، وأحد مظاهر قوتها الناعمة، بعد أن بات مقصداً لروَّاد الثقافة وصناعها ومحبِّيها من كلِّ دول العالم، فضلاً عن كونه يجسد الانفتاح الثقافي الواسع لدولة الإمارات على الثقافات والآداب والفنون العالمية بمختلف أنواعها وأشكالها، وإيمانها بأهمية الثقافة ودورها الكبير في التنمية بمفهومها الشامل، وما تمثله من جسر للتفاهم والتعارف بين الأمم والشعوب. ولعل ما يؤكد ذلك هو احتفال المعرض هذا العام بالصين، وبإعادة إطلاق مشروع طريق الحرير ثقافياً من العاصمة أبوظبي، كمبادرة تعكس الانفتاح الحضاري والثقافي لدولة الإمارات. وفي الوقت نفسه، فإن المعرض، بما يتضمَّنه من فعاليات ثقافية متنوعة، يمثل نافذة مهمة لتسليط الضوء على نموذج التعايش والتسامح الإماراتي، وإبراز سمات وخصوصية هذا النموذج، الذي جعل الإمارات المكان المفضَّل للعيش والإقامة للكثيرين في دول المنطقة والعالم، خاصة أن البرنامج الثقافي للمعرض هذا العام يسلِّط الضوء على أبعاد مختلفة في المشهد الثقافي الإماراتي، من خلال سلسلة من الندوات والمحاضرات المتخصصة، كما سيسلط المعرض الضوء على «تجارب الكتاب المسموع»، التي انطلقت من أبوظبي قبل أكثر من عشرين عاماً بصفتها واحدة من أولى التجارب الخليجية، وواحدة من التجارب العربية الاحترافية الرائدة التي تحظى بالتقدير. إن التطور الذي شهده «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» على مدار السنوات الماضية أسهم في تطوير صناعة النشر والكتاب، ليس في الإمارات فقط، وإنما في الدول العربية أيضاً، من خلال استضافته أعرق دور النشر العالمية، والتعرُّف إلى كل ما هو جديد في صناعة النشر والطباعة، بل إن «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أصبح، وفقاً لـ«الاتحاد الدولي للناشرين»، من المعارض الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتفوَّق على معارض عالمية من ناحية عدد دور النشر والدول المشاركة. وإذا كان «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» يمثل عنواناً للنهضة الثقافية في الإمارات، فإنه لا ينفصل عن المشروعات الثقافية الرائدة الأخرى التي تثري الحراك الثقافي المحلي والعربي والدولي، كمشروع «كلمة» للترجمة الذي يحتفل المعرض بمرور عشر سنوات على إطلاقه، وهو المشروع الذي شكل نقلة نوعية لحركة الترجمة في العالم العربي، من خلال ترجمة نحو مئة كتاب سنوياً إلى العربيَّة في مختلف حقول المعرفة في الشرق والغرب. وبرنامج «شاعر المليون» الذي أصبح يرسِّخ مكانته وصدقيَّته عاماً بعد الآخر، بصفته منبراً رئيسياً للشعر النبطي، وبرنامج «أمير الشعراء» الذي جعل أبوظبي قبلة لكل رواد الشعر العربي الفصيح ومحبِّيه، و«جائزة الشيخ زايد للكتاب»، التي تُعَدُّ بمنزلة «نوبل العربيَّة»، التي تحتفي بالمبدعين والمفكرين في مجالات المعرفة والفنون والثقافة العربية، وغيرها العديد من المشروعات التي تجعل من الإمارات عنواناً للانفتاح الثقافي والحضاري والمعرفي في المنطقة والعالم. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية