تُعَدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى أكثر دول المنطقة والعالم اهتماماً بتطوير القطاع التعليمي والتربوي، وذلك في ظل التوجيهات السديدة والمتابعة الحثيثة من قبل قيادتنا الرشيدة، وفي مقدمتها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله-، فقيادتنا الرشيدة، التي استقت حب العلم والتعليم من جيل الآباء المؤسسين، وعلى رأسهم المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- بما رفعوه منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة من راية بناء الإنسان الإماراتي المتعلم المثقف الواعي القادر على صون مسيرة الاتحاد وتحقيق أهدافها، أخذت على عاتقها استكمال هذا النهج الحكيم عبر منظومة متكاملة من القرارات والبرامج والمبادرات والمشروعات الرائدة، تصبُّ بمجملها في إيجاد أجيال إماراتية متعاقبة، تباهي الإمارات بها الأمم، بما تملكه من أحدث العلوم والمعارف، وأرقى الأخلاقيات، قادرة على حمل الراية، واستكمال المسيرة، وتجسيد الرؤى التنموية للدولة مستقبلاً مزدهراً يزخر باستدامة الإنجازات العظيمة وروح الإيجابية والسعادة. إن قيادتنا الرشيدة، برغم طموحاتها التوَّاقة وجهودها الجبارة لتتويج الإمارات كأفضل دول العالم، لم تغفل يوماً أن المضيَّ قدماً بملحمة الاتحاد المباركة، والنهوض بمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الدولة في المجالات كافة، وتجسيد الطموحات الريادية للدولة من خلال «رؤية الإمارات 2021» و«مئوية الإمارات 2071» وما سيتلوها من رؤى مستقبلية لا تقل ألقاً وإبهاراً، هي أهداف لا يمكن أن تتحقق من دون إنشاء أجيال إماراتية متلاحقة تقدِّس التطوير والتحديث والإبداع والابتكار من جهة، وتتشبث بهويتها الإماراتية الأصيلة النابعة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف والقيم العربية النبيلة من جهة أخرى، إدراكاً منها أن الاعتزاز بهويتنا، والتمسك بها، هما صمام الأمان الأول لحفظ حصن الوطن منيعاً، وبقائه شامخاً في وجه التحديات المتزايدة في المنطقة والعالم. ولا شكَّ في أن نجاح المنظومة التعليمية والتربوية في تحقيق أهدافها مرهون بمدى قدرتها على المواءمة ما بين التحديث والتطوير، وما بين تعزيز الهوية والانتماء، ولذلك فإن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة على اتخاذ الخطوات السبَّاقة والمبادرات الخلاقة الكفيلة بالارتقاء بالتعليم وتوظيفه بما يرسِّخ ثوابت الهوية الوطنية والخليجية والعربية، ليس على مستوى الدولة فحسب، بل على نطاق أوسع يضمن كذلك استفادة المجتمعات الخليجية والعربية الشقيقة من هذه المبادرات. وضمن هذا الإطار جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله- مؤخراً «جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي»، التي وُضِعت لها خمسة معايير تتلخص في التميز في الإنجاز، والإبداع والابتكار، والتطوير والتعلُّم المستدام، والمواطنة الإيجابية والولاء والانتماء الوطني، والريادة المجتمعية والمهنية. وهي المبادرة التي لاقت، لأهميتها، حفاوةً كبيرة وإشادات بارزة، من ضمنها إشادة وزيري التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، اللذين وصفا الجائزة بأنها محطة مهمَّة في مسيرة المعلم الخليجي، ورسالة سامية منبعها دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي الإطار نفسه تأتي مبادرات الدولة المتواصلة لإحياء الهوية العربية والإسلامية، وغرس الاعتزاز بها كقيمة عليا في نفوس أبناء الإمارات خصوصاً، والأشقاء العرب عموماً. ولأن اللغة العربية هي عماد هذه الهوية، وحلقة الوصل التي تربط أجيال المستقبل بإرثها الحضاري العريق، تركِّز الدولة على تكثيف الخطوات والمبادرات والبرامج التي من شأنها حماية اللغة العربية وصونها والارتقاء بها، ومن بين ذلك تطوير المناهج وأساليب التدريس، بما يعزز توعية المجتمع بضرورة الاهتمام باللغة العربية، وألا يكون تعلُّم الطلبة للُّغات الأخرى على حساب لغتهم الأم. ومن هنا جاء إصدار وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، مؤخراً، قراراً يقضي بتدريس جميع المواد المقرَّرة باللغة العربية داخل الصفوف الدراسية باللغة العربية الفصحى، فضلاً عن اتخاذ مجموعة من الخطوات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، وهو القرار الذي لاقى أصداء إيجابية في أوساط التربويين والمعلمين والطلبة وأسرهم، بما يعكسه من تصميم إماراتي متجدِّد على إعادة الألق إلى اللغة العربية بصفتها لغة علم وفكر لا غنى عنها، وكنزاً معرفياً يحيي وهج ثقافتنا العريقة، ويميِّزنا عن باقي الأمم والشعوب. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية