سوريا وكوريا الشمالية وأفغانستان وروسيا: هذه مجرد بعض الأزمات العالمية التي لم يتم حلها والتي ورثها الرئيس دونالد ترامب. بيد أن الإدارة الجديدة مضطرة إلى إدارة كل هذه الأزمات بيد مقيّدة لأنها تفتقر إلى وجود وزارة خارجية كاملة العدد والطواقم. وقد أوضح الرئيس أنه يعتزم الشروع في تنفيذ سياسة خارجية تدخلية تعتمد على استخدام القوة، وذلك من خلال الضربات التي شنها ضد سوريا عقب الهجوم بالأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وكذلك استخدام أم القنابل في أفغانستان، والموقف المتشدد تجاه كوريا الشمالية، ونقل صلاحيات سلطة أكبر إلى الجيش. وفي الوقت نفسه، وتمشياً مع خطاب حملته الانتخابية، اقترح ترامب سلسلة من الاستقطاعات الكبيرة في وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مع الامتناع عن شغل معظم المناصب المعينة في «فوجي بوتوم» (مقر وزارة الخارجية). ويبدو أن البيت الأبيض يفكر في أن القوة العسكرية والقوة الناعمة المؤثرة متنافيين -ولكن في الحقيقة، بإمكان الرئيس استخدام الاثنين في الوقت نفسه. وفي الواقع، من الضروري أن يفعل ذلك من أجل الأمن القومي لبلادنا. فهل وزارة الخارجية بحاجة إلى إصلاح وتنظيم؟ نعم. فعلى مدى العقود القليلة الماضية، تنامت بيروقراطية الوزارة لتشمل عدداً من المناصب والموظفين يمكن تقليص حجمهم وإعادة تركيزهم. وفي بعض الأحيان، كانت وزارة الخارجية تبدو منفصلة تماماً عن الحقائق التي نواجهها دولياً. وقد لوحظ أنه ليس لوزارة الخارجية دور كبير في العراق وأفغانستان، وأنها غير قادرة على توفير الأفراد والخبرات اللازمة لدعم حملات مكافحة التمرد في كلا البلدين. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، فإن الوزارة فيها العديد من برامج التواصل والمنح المكررة في جميع أنحاء العالم. وهذه البرامج ذات مكانة في سياستنا الخارجية، ولكن الحساب الأمين للبعثات والولايات والأفراد والموارد سيؤدي بالتأكيد إلى ضرورة الترشيد، وزيادة الكفاءة وتوفير التكاليف. فهل حرمان وزارة الخارجية من القيادات هو السبيل لتحقيق هذا الهدف؟ طبعاً لا. ويوجد حالياً ما يقرب من مئة وظيفة شاغرة في وزارة الخارجية، من بينها نائب وزير الخارجية، ونائب وزير الخارجية للإدارة والموارد، ووكيل الوزارة لشؤون الإدارة، ووكيل الوزارة لشؤون مراقبة الأسلحة والأمن الدولي، ووكيل الوزارة لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، ووكيل الوزارة للتنمية الاقتصادية والطاقة والبيئة، ومستشار الوزارة أيضاً. ومن بين تسعة من كبار المسؤولين في الوزارة، الذين يأتون بعد الوزير، لا يوجد سوى اثنين فقط. ونظراً للأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، قد يكون من المفيد وجود وكيل وزارة لشؤون مراقبة الأسلحة والأمن الدولي. وماذا عن الوضع في سوريا؟ إن وجود وكيل وزارة لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان من المرجح أن يكون مفيداً أيضاً. إن تحديات الدبلوماسية الشرسة تتطلب وجود أفراد على دراية بالبلدان والقضايا وكيفية التنقل بين الشبكات الاجتماعية والثقافية والسياسية المعقدة. ونحن، في هذه اللحظة، على طريق خطير لفقدان هذه القدرة من خلال فاقد الوظائف التي لم يتم شغرها حتى الآن. وقد سبق أن قال «جيم ماتيس»، وزير الدفاع في إدارة ترامب، في عام 2013: «إذا لم تقدموا التمويل الكافي لوزارة الخارجية، إذن فأنا بحاجة إلى شراء مزيد من الذخائر». وينبغي أن يكون الجهد الدبلوماسي القوي مدعوماً بجهد عسكري قوي. إن الاثنين ليسا متنافيين، بل هما بالأحرى يعودان بالنفع المتبادل على مصالح أميركا. مايك روجرز* --------------- ** نائب جمهوري في مجلس النواب عن ولاية ميشيجان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»