يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاحتفال بمرور مئة يوم على تنصيبه رئيساً، يوم السبت القادم 29 أبريل بمسيرة كبيرة في بنسلفانيا، وتعتبر أول 100 يوم من تنصيب الرئيس الأميركي عادة مقياساً لنجاح بداية حكمه، فهي تحدد الصورة التي ستكون عليها فترة الحكم كاملة. وخلال هذه الفترة يبدأ الرئيس تنفيذ خطة مفصلة وضعها مسبقاً لأول 100 يوم من رئاسته، تكون بعدها حكومته مستعدة لتنفيذ مهماتها. وهو تقليد بدأه الرئيس الأسبق، فرانكلين روزفلت، في عام 1933، إذ وعد بإنهاء الانهيار الاقتصادي الذي بدأ سنة 1929، حيث طلب من حكومته وضع خطة عاجلة لمدة 100 يوم، تساهم في إخراج البلاد من أزمتها، وقد نجح يومها في هذا الامتحان. تسلم ترامب مهامه الرئاسية في ال20 من يناير 2017، في وقت بدا فيه الشعب الأميركي فوضوياً ومنقسماً على نفسه، فالجماهير خرجت في مظاهرات تعبّر عن امتعاضها من تنصيب الرجل، الحائز على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي، في ظل تأخره في التصويت الشعبي بما يقارب مليوني صوت. كانت تصريحات الرئيس المنتخب حينها خلال حملته الانتخابية صادمة للناخب الأميركي وللعالم الذي يراقب انتخاب رئيس أقوى دولة في العالم، فتصريحات ترامب وحملته الانتخابية خلقت فوضى من ردود الأفعال والتوقعات في ظل ارتفاع النعرات القومية والحمائية الداخلية، وظهر جلياً أن الرئيس ترامب جاء بفكر ليعيد تركيب المؤسسة الأميركية، وأعلن في حفل تنصيبه مبدأ «أميركا أولاً». وقد حددت خطة ترامب لأول 100 يوم من حكمه، والتي نشرها موقع البيت الأبيض وتعرف بخريطة ال100 يوم الأولى من عهد الرئيس الجديد للولايات المتحدة، النقاط الأساسية وتضمنت بدء العمل على: الانسحاب من خطة التغير المناخي العالمية، العمل على توفير ملايين الوظائف للأميركيين في قطاع الطاقة، العمل على توفير 25 مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل، التوسع في أعمال التنقيب عن النفط والغاز، إنعاش صناعة الفحم وحماية الماء والهواء، انتهاج سياسة تحقق مصالح العمال والشركات التجارية، الانسحاب من اتفاق التجارة عبر الهادي، إعادة التفاوض حول اتفاق «نافتا» للتجارة الحرة، الذي يرى ترامب أنه مثير للجدل، ثم العمل على إعادة معدل النمو السنوي إلى 4%، وخفض معدل الضرائب، وتوقيع ميزانية جديدة للكونجرس لإعادة بناء الجيش الأميركي بكل قطعاته، وزيادة عدد القطعات العسكرية البحرية وتوسعة قدرات القوات الجوية، وإنشاء منظومة دفاع صاروخي حديثة لحماية البلاد، والعمل على مكافحة الجريمة المنظمة، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين عن الأراضي الأميركية. وكذلك بناء الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، مع دفع المكسيك إلى تحمل تكاليف بنائه، والتركيز على الأمن القوي، وهزيمة تنظيم «داعش» بالتعاون مع كل الأجهزة الاستخباراتية. وركزت خطة المئة يوم الأولى على الشأن الداخلي كأولوية مطلقة، وهذا ما اتضح جلياً في القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب، فأول ما أقدم على تنفيذه مباشرةً بعد حفل تنصيبه بدقائق هو إلغاء «قانون الرعاية الصحية» «أوباما كير»، ووعد الأميركيين بالعمل على استصدار مشروع بديل للرعاية الصحية، يوفر لهم الرعاية اللازمة، ويزيح عن كاهل الدولة الأعباء التي يُنتظر أن تثقلها إذا ما استمر العمل بقانون أوباما للرعاية الصحية. وتوالت بعد ذلك القرارات التنفيذية في الشؤون الداخلية بدءاً بالرعاية الصحية، الهجرة، المحكمة العليا، البنية التحتية، الطاقة، المحاربين القدامي والجيش، وكذلك شؤون الاقتصاد كالضرائب، والميزانية والضمان الاجتماعي. أما خارجياً فركزت القرارات على الأمن القومي وجاءت التصريحات في الشؤون الخارجية حول إيران، الصين والدفاع. وبدا جلياً أن ما طرحه مسبقاً في حملته الانتخابية بخصوص الشأن الخارجي قابل للتطبيق وهو ماضٍ في استحداث السياسات الداعمة لمواقفه المسبقة، وهو ما أثار لغطاً دولياً وترقباً واسعاً. والراهن أن رئاسة ترامب وبعد ما يقارب ال100 يوم أثرت في إحداث تحولات كبيرة في السياسات، وأثارت الصدمات، وينتظر أن تحدث سنواته الرئاسية تحولات كبرى في السياسات الداخلية والخارجية، بعد أن ضبطت المئة يوم الأولى أنغام السنوات الأربع المقبلة. ------------------ * كاتبة إماراتية