تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض والمسؤولين في الحكومة الأميركية تجاه إيران، وكان أحدثها إصدار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أوامره للوكالات الحكومية الأميركية بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران لمعرفة ما إذا كان تعليق العقوبات الاقتصادية ضدها كان يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية أم لا. وستستمر تلك المراجعة 90 يوماً يتسلم في نهايتها الرئيس الأميركي تقريراً يتناول الوضع ما بعد تعليق العقوبات وتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، والتوصيات الاستراتيجية بشأن التعامل مع إيران في المرحلة القادمة. ومنذ فترة، والتصريحات الرسمية الأميركية تجاه إيران تتصاعد وبلغت ذروتها بوصف إيران بأنها الراعي الأول للإرهاب في العالم. وقد جاءت تلك التصريحات على لسان وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين. فقد وصف وزير الخارجية الأميركي إيران بأنها تتزعم الدول الراعية للإرهاب في العالم وتهدد المصالح الأميركية في سوريا واليمن والعراق ولبنان والخليج العربي، وهي بذلك تسلك نفس طريق كوريا الشمالية. ومن جانب آخر، أكد وزير الدفاع الأميركي أن سلوك إيران في المنطقة يؤكد أنها دولة راعية للإرهاب، وأن الإدارة الأميركية لن تسمح لها بالمضي في تهديد استقرار أمن دول المنطقة. وفي المقابل، نجد المسؤولين الإيرانيين أيضاً لم يصمتوا إزاء التصريحات الأميركية، بل جاءت ردود فعلهم تشير إلى أنهم سيردون على أي هجوم عسكري أميركي بقصف صاروخي لتل أبيب في خلال سبع دقائق، والهجوم على الأسطول الخامس الأميركي الموجود في مملكة البحرين. وهي تصريحات لطالما سمعناها من الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ الثورة الإيرانية، وكأن الرد العسكري الإيراني على أي هجوم أميركي يجب أن يمر على العراق ولبنان وسوريا واليمن، حتى يصل إلى هدفه في تل أبيب. والملاحظ في نهج الإدارة الأميركية الجديدة هو سياسة ترامب بتحديد مدة زمنية لمراجعة موقف معين والإعلان بعد ذلك عن النتائج والخطوات التي سيتم اتخاذها، كما نلحظ الاختلاف الواضح في نبرة التصريحات، إزاء إيران عن مثيلتها في عهد باراك أوباما. ولكن النقطة الأبرز في تلك التصريحات ومهلة الـ90 يوماً هي تركيزها المطلق على «المصالح الأميركية»، وما طرأ أو سيطرأ عليها من تأثيرات سلبية نتيجة سياسة إيران الخارجية واستخدامها لكلمات عامة، تتعلق بالدعم الإيراني للإرهاب وافتقار تلك التصريحات لعبارات أكثر دقة، وتحديداً في ما تقوم به إيران منذ عقود طويلة، ولا يتعلق فقط بتهديد المصالح الأميركية. والمقصود هنا أن تقوم الإدارة الأميركية ليس فقط بدراسة تأثيرات الاتفاق النووي على مصالحها، بل تقوم أيضاً بدراسة نتائج استمرار الاحتلال الإيراني لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث، والاحتلال الإيراني لمنطقة الأحواز العربية، والدعم الإيراني لكل من جماعة «الحوثيين» في اليمن ضد الشرعية هناك و«حزب الله» في لبنان. أضف إلى ذلك دعم إيران لبذور الفرقة والفتنة الطائفية في مملكة البحرين والعراق ومساندة نظام الأسد في حربه ضد الشعب السوري. المطلوب أن تقوم الإدارة الأميركية بتوجيه رسالة حازمة وحاسمة للرئيس الإيراني الجديد، الذي سيتم «انتخابه» في شهر مايو القادم، سواء كان الرئيس الحالي حسن روحاني، أو أبرز المرشحين لخلافته وهو «إبراهيم رئيسي»، رسالة مفادها أن سياسة احتلال أرض الغير ودعم الإرهاب والتشجيع على الفتنة الطائفية ومحاولة قلب أنظمة الحكم الشرعية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، ليست سوى وسائل لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وبالتالي يجب أن تتوقف. يجب‏? ?على? ?الرئيس? ?الأميركي? ?أن? ?يتوسع? ?في? ?تناوله? ?لسياسة? ?إيران? ?الخارجية،? ?وأن? ?يمنحها? ?مهلة? ?زمنية? ?لتغيير? ?سلوكها، ولإعادة? ?الأراضي? ?المحتلة? ?لأصحابها،? ?وإلا? ?استمر? ?الانطباع? ?السائد? ?لدى? ?العديد? ?بأن? ?ما? ?بين? ?الإدارتين? ?الأميركية? ?والإيرانية? ?هو? ?حرب? ?إعلامية? ?في? ?العلن? ?وتعاون? ?وتفاهم? ?وثيق? ?في? ?الخفاء.?