يعتبر التوطين من القضايا الأكثر أهمية وحيوية لضمان تنمية مستدامة ومواصلة التقدم الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة، وضمان تحقيق المزيد من الإنجازات الداخلية والخارجية وعلى مختلف الصعد، ولذلك فإن القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تولي أهمية كبيرة لهذا الموضوع انطلاقاً من رؤية استراتيجية قوية تهدف إلى وضع كل مواطن في العمل الذي يتوافق مع قدراته ومهاراته ويمكّنه من خدمة نفسه ووطنه ومجتمعه. وقد وضعت «رؤية الإمارات 2021»، التي تهدف إلى أن تكون الإمارات بحلول الذكرى الخمسين لقيام الاتحاد في مصاف الدول المتقدمة، تمكين المواطن وتوطين قطاعات العمل المختلفة بالدولة ضمن أولوياتها، وحرصت حكومة الإمارات من خلال العديد من المبادرات والقوانين والإجراءات على دعم المؤسسات لتوفير الكوادر المواطنة المؤهلة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة في البلاد، والتي يعد فيها التوطين من الركائز الأساسية لتنفيذها على أرض الواقع. ولأهمية العنصر البشري وتأهيله في تحقيق أهداف التوطين فقد أولت الدولة وعبر مؤسساتها المختلفة تنمية الموارد البشرية وتأهيل الكوادر أهمية خاصة، وفي هذا السياق جاء اعتماد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، خلال الاجتماع الـ 13 للمجلس بديوان عام الوزارة في أبوظبي، أول من أمس مشروع «جائزة الإمارات للتوطين» التي أعدتها وزارة الموارد البشرية والتوطين. وتأتي هذه الجائزة التي تضم أربع فئات تم تحديدها بناء على عدد العاملين في المنشأة، وتشمل المنشآت الكبيرة، والمتوسطة، والصغيرة، والمبتدئة، وكما أوضح معالي صقر غباش وزير الموارد البشرية والتوطين: «ضمن مبادرات وسياسات الخطة الاستراتيجية للوزارة التي تهدف في إطارها العام إلى تعزيز مشاركة الموارد البشرية الوطنية في القطاع الخاص، وتدريبهم وتأهيلهم لشغل الوظائف المتوافرة». ويهدف مشروع «جائزة الإمارات للتوطين» إلى تعزيز دور القطاع الخاص وإسهامه في تحقيق مؤشرات الأجندة الوطنية الخاصة بالتوطين، وتشجيعه على توفير بيئة عمل جاذبة للموارد البشرية المواطنة، بالإضافة إلى نشر ثقافة التميز وبث روح المنافسة الإيجابية بين مؤسسات القطاع الخاص المختلفة، بما «يعزز من دورها في المسؤولية المجتمعية والوطنية، وتطوير الشراكة والتعاون بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والمؤسسات العاملة في هذه القطاع». إن مثل هذا المشروع الذي يأتي في سياق جهود حكومية متواصلة لتحقيق أهداف التوطين وتعزيز وجود العنصر المواطن في وظائف مهمة وقيادية في مختلف القطاعات في الدولة، مهم جداً ليس من حيث زيادة عدد الموظفين المواطنين في القطاع الخاص فقط، وإنما فيما يتعلق بجودة التوطين في القطاع الخاص المهم جداً والذي يتعاظم دوره في الاقتصاد الوطني أيضاً، حيث تعتبر جودة التوطين، وليس فقط نسبته، الطريق الأمثل لرفع مساهمة المواطنين في القطاع الخاص، وإعدادهم ليصبحوا قادة متميزين وفاعلين ومنتجين، بما يتماشى مع الاهتمام الذي توليه الدولة لتحقيق أهداف سياسة التوطين تلبيةً لمتطلبات خطط التنمية البشرية المستدامة في الدولة التي تتجسد في رؤيتها 2021. إن العنصر البشري هو أغلى الموارد التي تملكها أي دولة بل أهمها، ولذلك فإن تأهيله من أجل تمكينه أمر في غاية الأهمية، ومن هنا فإن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية في تعزيز وترسيخ هذا النهج، ولا شك أن مثل هذه المبادرات التي تطلقها الدولة والمشاريع التي تتبناها والجوائز التي ترعاها، تسهم بشكل واضح في تمكين المواطن وتعظيم مشاركته في مسيرة التنمية والتطوير في الدولة، وهنا يجب على جميع عناصر المجتمع المشاركة بفعالية في هذا الجهد الوطني، وينبغي على جميع مؤسسات القطاع الخاص-كما العام-الإسهام بفاعلية في هذا المجال، حيث ستجد شراكة القطاع الخاص مع الحكومة في توطين المهن المختلفة إدراكاً للمسؤولية الوطنية وتطبيقاً عملياً للشراكة المجتمعية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية