تثبت تجارب الدول المتقدمة أن التعليم المهني والتقني كان أحد الركائز الأساسية وراء نهضتها وسر نجاحها، لأن هذه النوعية من التعليم تسهم في تخريج عمالة نوعية قادرة على المنافسة بكفاءة في سوق العمل، وهذا ما يدركه القائمون على التخطيط للتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ إن هناك اهتماماً كبيراً بتطوير التعليم المهني والتقني، كي يواكب الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الدولة في المجالات كافة. لقد كانت الإمارات من أوائل الدول التي تبنت نهج الدول المتقدمة في الاهتمام بتطوير التعليم المهني والتقني، وعكفت على تطوير هذه المنظومة الحيوية وإعطائها المكانة التي تستحقها في سبيل تعزيز دورها في بناء وتقدم الدولة، وينبع ذلك من الرؤية الاستشرافية لقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي دائماً ما تتخذ المبادرات، وتنتهج السبل التي تعزز مكانتها على خريطة الدول المتقدمة، ولذا أولت الدولة أهمية كبرى لتطوير منظومة التعليم المهني والتقني، والعمل على تحسين مخرجاته، ونشر ثقافة أهميته بين الأجيال الناشئة، انطلاقاً من إيمانها بأن التعليم المهني والتقني هو العمود الفقري للتنمية، والبوابة الأساسية لعبور الكوادر البشرية المواطنة والمشاركة بفاعلية في تحقيق الثورة التنموية التي تخوضها الدولة، حيث يعتبر العمل في هذا المجال مكوناً أساسياً من مكونات العمل التنموي الشامل بالدولة الذي يسير وفق استراتيجيات وخطط ورؤى مستقبلية طويلة الأمد، تتجسد في «رؤية الإمارات 2021»، و«رؤية أبوظبي 2030». وفي إطار جهود الدولة الحثيثة لدعم منظومة التعليم المهني والتقني، وتحسين مخرجاته بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، تواصل ثانويتا التكنولوجيا التطبيقية والفنية التابعتان لمركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، فرع العين، إجراء الاختبارات والمقابلات المقررة للطلبة المتقدمين للالتحاق بهاتين المؤسستين التقنيتين للعام الدراسي المقبل 2017/‏‏‏‏ 2018 وسط إقبال كبير فاق التوقعات، حيث يبلغ إجمالي عدد الطلبة المتوقع قبولهم نحو 1400 طالب وطالبة، 650 منهم طلاب، و750 طالبات. وقد بلغ إجمالي عدد الطالبات اللواتي أدين اختبارات القبول حتى الآن 1290 طالبة، أما بالنسبة إلى الطلاب، فبلغ إجمالي عدد الذين أدوا الاختبارات 815 طالباً، ويبلغ إجمالي عدد الطالبات المتوقع تخرجهن في ثانوية التكنولوجيا التطبيقية والثانوية الفنية في العين بنهاية العام الأكاديمي الجاري، 184 طالبة. هذا وتطرح ثانوية التكنولوجيا التطبيقية خمسة تخصصات تقنية ومهنية مختلفة، تشمل التكنولوجيا الهندسية، الهندسة التطبيقية، علوم الحاسب الآلي، العلوم الصحية والتكنولوجيا، بالإضافة إلى برنامج العلوم المتقدمة. أما بالنسبة إلى التخصصات التي تطرحها الثانوية الفنية، فتشمل الهندسة الميكانيكية، الهندسة الكهربائية، صيانة الطائرات، الإدارة المالية والمحاسبة، الخدمات اللوجستية وإدارة الإمداد، وإدارة المرافق، وجميعها تطرح للطلاب والطالبات، فيما يقتصر برنامجا العلوم الصحية والإنتاج الإعلامي والإبداعي على الطالبات فقط. وينطوي التعليم المهني والتقني على مردود نوعي كبير، فهو أحد أهم حلقات الوصل مع سوق العمل، حيث إنه المسؤول عن سد الفجوة بين متطلبات هذه السوق ومخرجات المدارس الفنية ومراكز التدريب باعتباره أحد الروافد الأساسية في إعداد الكوادر الوطنية الماهرة القادرة على المنافسة على الصعد كافة، وتلبية احتياجات سوق العمل من المهن والتخصصات الجديدة بما يؤدي إلى خفض نسبة البطالة وتحسين دخل الفرد ومستوى معيشته، وبالإضافة إلى ذلك فإن التعليم المهني والتقني هو المسؤول عن التكيف السريع مع طبيعة التحولات المتسارعة المصاحبة لثورة التقنية والمعلومات، جنباً إلى جنب مع مؤسسات التعليم العالي الأخرى، فضلاً عن دوره في تلبية الاحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية، وكذلك تعزيز تنافسية الدولة في سوق العمل الخارجي، ومن هذا المنطلق كان الاهتمام الاستثنائي الذي أولته دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الراهن لتطوير أنظمة التعليم المهني والتقني، حيث تواصل بذل الجهود بهدف تطوير هذا المجال، من حيث السياسات والأهداف والبنية المؤسسية والبرامج وطرق وأساليب التعليم والتدريب وغيرها، وذلك لتحسين مخرجات المدارس الفنية ومراكز التدريب المهني التقني بما يواكب متطلبات واحتياجات سوق العمل المختلفة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية