بينما تنهمك الحكومة العراقية في حرب شرسة ضد الإرهاب بالموصل، ومحاولة طرد فلول «داعش» من هذه المدينة، قرر إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء على تقرير المصير في الخريف المقبل، وقد صرح كفاح محمود لجريدة «الشرق الأوسط» يوم الخميس 13 أبريل الجاري بأن وفداً جديداً يمثل أحزاب الإقليم ومكوناته سيتوجه إلى بغداد لبحث مسألة الاستفتاء، فيما سيتجه وفدان آخران إلى تركيا وإيران لشرح الموقف، وأكد محمود أن عملية الاستفتاء ستكون بداية إقرار حقيقة واقعية. وقال بصرف النظر عن التسميات، فإن الاستفتاء وثيقة تاريخية لتثبيت الهوية الوطنية والقومية لشعب كردستان أسوة بالهوية القومية والوطنية لشعب العراق وسوريا وتركيا وإيران، فمن حق الشعب الكردي أيضاً أن تكون له خصوصية وإرادته الحرة في الاختيار. تجدر الإشارة هنا بأن إقليم كردستان العراق يحظى باستقلال ذاتي منذ عام 1991، وحقق الإقليم استقراراً سياسياً بوجود البرلمان الكردي وازدهار اقتصادي بارتفاع الاستثمارات الأجنبية في الإقليم.. يبلغ عدد سكان الإقليم نحو 7 ملايين كردي يعيش معظمهم في الإقليم، لكن هنالك أعدادا كبيرة تعيش في بغداد ومدن عراقية أخرى. السؤال لماذا يطالب أكراد العراق بالاستقلال الآن؟ وهم يتمتعون بالاستقلال الذاتي منذ عام 1990 بدعم وحماية الولايات المتحدة. المفارقة الغريبة أن رئيس جمهورية العراق الآن كردي، وهو دليل قاطع على عدم التفرقة ضد الأكراد.. كما يوجد وزراء ومسؤولون في الحكومة والجيش أكراد. نحن لا نرى أي فائدة من استقلال الأكراد، خصوصاً وأنه توجد معارضة للدولة الكردية من كل دول الإقليم وعلى رأسها تركيا وإيران والعرب.. لا أحد يدعم استقلال الأكراد سوى الولايات المتحدة وإسرائيل.. لأسباب معروفة وهي تمزيق العرب وإدخالهم في متاهات الحروب الأهلية حول الأراضي والثروات ومناطق النفوذ. الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية شجعوا قادة جنوب السودان للمطالبة بالاستقلال قبل عدة سنوات، ونال جنوب السودان استقلاله. وبدأت قياداته القبلية الصراع على السلطة والنفوذ، وبدأت الحروب الأهلية، وبدأ الفقر والجوع والتشرد، يسود هذا البلد الغني بمياهه.. ويطالب أهل الجنوب تدخل الأمم المتحدة والعالم لإنقاذهم من المجاعات. اليوم نشهد بداية تمزق بلد كبير وغني بثرواته، وغني ببشره بسبب تعدد الانتماءات والقوميات والطوائف، وهذه عناصر قوة ودفع للتنمية والعطاء والازدهار الاقتصادي. اليوم الأكراد يرتكبون أخطاء دول العالم الثالث التي تطالب بالاستقلال باسم القومية والهوية.. لكن السبب الحقيقي هو طموح قادة الأكراد وحبهم للتفرد وبالسلطة والجاه والنفوذ. مشكلة العراق الحديث هو قصر نظر قادته سواء كانوا عرباً أو كرداً، فكل همّ القادة العراقيين اليوم، هو القوة والنفوذ لصالحهم ولأحزابهم وقومياتهم وطوائفهم، فلا أحد يفكر بوحدة العراق والحفاظ على وحدته الوطنية.