تنطوي اقتراحات «التدقيق الشديد» التي قدمها هذا الأسبوع وزير الأمن الداخلي «جون كيلي» على فكرة جعل الزائرين القادمين إلى الولايات المتحدة يفتحون هواتفهم ويكشفون عن اتصالاتهم، وكلمات السر وأسمائهم على مواقع التواصل الاجتماعي لسلطات الهجرة. وقد يكون هذا دستورياً، لأن القادمين من خارج الولايات المتحدة، ربما لا يتمتعون بالضرورة بحماية الخصوصية. لكنه يشكل تهديداً خطيراً لحقوق الأميركيين الدستورية على أي حال. وهذا التدخل في خصوصية مقدمي طلبات الحصول على تأشيرة من الممكن أن يمتد إلى المواطنين الأميركيين في حالات كثيرة. وهناك أساس قانوني نظري لمقترحات التدقيق: لأنه ليس هناك خطأ في أن يكون الدخول مشروطاً بالإفصاح عن البيانات الخاصة. أعتقد أن لا شيء خطأ في هذه الحجة. وهل يمكن للحكومة أن تقول للأجانب الذين يسعون للحصول على تأشيرة دخول إنهم إذا دخلوا الولايات المتحدة، يجب أن يوافقوا على التمييز على أساس العرق أثناء وجودهم هنا؟ بالتأكيد لا، لأن الحكومة ستكون هي نفسها من يقوم بالتمييز من خلال هذا الشرط. وماذا لو قالت الحكومة إن بإمكانك الحصول على تأشيرة فقط إذا وافقت على التمييز العنصري قبل دخول البلاد؟ هذا، أيضاً، يبدو أنه يمثل إشكالية كبيرة، حتى وإنْ لم يؤد إلى التمييز ضد الأميركيين في الولايات المتحدة. ولا يمكن للحكومة، كما أعتقد، أن تقول للأجانب إنهم يجب عليهم التحول إلى الديانة المسيحية أثناء وجودهم في الخارج من أجل الحصول على تأشيرة. هذا من شأنه أن ينتهك مادة إنشاء الديانة في الدستور الأميركي ويكاد يكون من المؤكد أنه سينتهك مادة حرية الممارسة كذلك. وهذا أمر أكثر إكراهاً حتى قول إن المسيحيين فقط يمكنهم دخول البلاد. ومن ناحية أخرى، فإن حرية التعبير تثير أسئلة مماثلة. فربما تستبعد الحكومة أشخاصاً بعينهم على أساس أنها تكره آراءهم. ولكن من المشكوك فيه على ما يبدو أن الحكومة بإمكانها أن تقول للأجانب إنهم يستطيعون دخول الولايات المتحدة فقط بشرط أنهم يعدون بتوزيع منشورات مؤيدة لترامب في الشوارع، أو الامتناع عن انتقاد الحزب «الجمهوري» عندما يعودون إلى أوطانهم. وقد يصل هذا إلى درجة التمييز فيما يتعلق بحظر وجهات النظر، على ما أعتقد، حتى لو تم كل الحديث خارج الولايات المتحدة. والنتيجة هي أنه، حتى عندما يكون الموضوع أن أجنبياً يريد زيارة الولايات المتحدة، ربما لا يمكن للحكومة أن تعلق الدخول على بعض الإجراءات التي تنتهك الحماية الهيكلية في الدستور الأميركي. لذا فإن هناك بعض الأسباب للاعتقاد أن جعل الزائرين يفرطون في حقوق الخصوصية، هو أمر مثير للقلق من الناحية الدستورية. فإذا كان عليك التخلي عن خصوصيتك كشرط للدخول، إذن فإن الحكومة الأميركية ستتصرف بشكل ممنهج كما لو كانت الأخ الكبير. والأمر البديهي الذي تنطوي عليه هذه الأمثلة له شقان. الأول هو أن الفكرة هي أن هناك بعض الدوافع الحكومية التي تكون دائماً غير جائزة دستورياً، بغض النظر عن المكان الذي تتصرف فيه الحكومة، مثل التمييز العنصري، والإكراه الديني والإكراء على مخالفة الضمير. ومن المرجح أن يكون تدمير الخصوصية على نفس المستوى. والعنصر الأساسي في هذا الأمر البديهي هو أن بعض الإجراءات التي يتم اتخاذها بالنسبة للأجانب تهدد الحقوق الدستورية للمواطنين الأميركيين. فالقانون الذي يطالب حملة التأشيرة بالتمييز أو بدعم حزب سياسي واحد من شأنه أن يؤثر مباشرة على الأميركيين، حتى إذا لم يكن يشملهم. وكما تبين، ربما ينطبق الأمر نفسه على الخصوصية عند المنافذ الحدودية. ووفقاً لسابقة في المحكمة العليا، فإن الحق في التفتيش والقبض من دون أمر قضائي لا ينطبق عند الدخول أو الخروج من البلد. ويرجع المنطق في هذا إلى قانون تم تمريره من قبل الكونجرس، والذي كان يهدف إلى منع تدفق السلع المحظورة. وعلى هذا الأساس من الواضح أن وزارة الأمن الداخلي حاولت في بعض الأحيان جعل الصحفيين الأميركيين يشاركون اتصالاتهم الإلكترونية عند دخولهم إلى البلاد. ولم تصبح هذه الممارسة واسعة الانتشار. لكن يبدو أنها من الممكن أن تصبح كذلك إذا بدأت وزارة الأمن الداخلي في المطالبة بعمليات بحث إلكتروني مشابهة للأجانب. وعلى أي حال، إذا ما أجبر الأجانب على التنازل عن حقوق خصوصيتهم كشرط لدخول الولايات المتحدة، فلماذا لا يمتد المنطق لقول إن المواطنين ينبغي أن يتنازلوا عن نفس الحقوق في مقابل الحصول على ميزة مغادرة البلاد والعودة إليها؟ نوح فيلدمان أستاذ القانون الدستوري والدولي في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»