حزب الشعب الأوروبي حزب عابر للدول، وهو من أكبر الأحزاب تمثيلاً في المنظومة الأوروبية. ولكنه يقتتل داخلياً في الوقت الحالي؛ لأن البرلمان المجري وافق على قانون يغلق فعلياً الجامعة الأوروبية المركزية، أو على الأقل يجبرها على الخروج من العاصمة بودابست. وقد انتقدت هذا الإجراء مؤسسات وأفراد كثر في المجر نفسها وأيضاً سياسيون وأكاديميون آخرون حول العالم. ولكن الحكومة المجرية ما زالت متمسكة بموقفها. ومكمن المشكلة هنا هي أن حزب الاتحاد المدني، الحزب المجري الحاكم، عضو في حزب الشعب الأوروبي. مما يعني أن حزب الشعب الأوروبي سيجد صعوبة في الرد بقوة على ما يصفه كثيرون بأنه حملة ضد الحرية الأكاديمية. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الحلفاء في حزب الشعب الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، كتب أعضاء من الحزب المجري بعبارات ممتعضة يتهمونهم بعدم الوقوف معهم بالشكل الكافي، قائلين إنه: «كما في عالم مزرعة الحيوانات لجورج أورويل هناك المتساوون، وهناك الأكثر مساواة من الآخرين». ورد بعض الأعضاء غير المجريين في حزب الشعب الأوروبي بالسؤال عن سبب وجود حزب الاتحاد المجري في حزبهم أصلاً. وطلب «مانفريد فيبر» رئيس حزب الشعب الأوروبي من المفوضية الأوروبية أن تتعامل مع القانون المجري، وهو ما يراه البعض محاولة لنقل القضية إلى المفوضية. ورد عضو من حزب الشعب الأوروبي في البرلمان، وهو «فرانك أنجيل» على رسالة البريد الإلكتروني والغضب المجري العام على رد فعل الأوروبيين غير المؤيد لقانونهم الجديد بالقول: «لماذا لا تغادرون حزب الشعب الأوروبي والاتحاد الأوروبي كله. إنكم عملياً وفعلياً خارجه على أي حال. لذا اذهبوا. من فضلكم انصرفوا». وهنا بيت القصيد، فعلى رغم ضغوط الأعضاء الآخرين في المفوضية الأوروبية لم يخرج حزب الاتحاد المدني من حزب الشعب الأوروبي، وما زالت المجر عضواً في الاتحاد الأوروبي. ورسالة بريد إلكتروني شديدة اللهجة لا تمثل عملاً سياسياً حاسماً. وليس كافياً أيضاً في هذا الصدد نشر تغريدة على «تويتر» يعلن فيها «فيبر» رئيس حزب الشعب الأوروبي أن حزبه سيدافع عن الحريات الأكاديمية «بأي ثمن». وتبادل رسائل البريد الإلكتروني ليس هو في حد ذاته المشكلة بل هو عرَض لمشكلة تتمثل في أن المؤسسات الأوروبية تريد الاتحاد في دعم بعض القيم المعلنة، بينما هناك أفعال يتخذها الأعضاء من شأنها تقويض هذه المؤسسات، بينما لا تستطيع أو لن تتصدى لها المؤسسات. إيميلي تامكين كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»