ربما في إشارة إلى أن البيت الأبيض بدأ يفهم سذاجة الزعم ببساطة أن كل شيء يمضي على ما يرام بشكل رائع، حاول مسؤول بارز الأسبوع الماضي سلوك نهج جديد: فقد وضع الفوضى في إطار باعتبارها جزءاً من العمل المعروف في «وادي السيليكون»! ولكن هذا غير مرجح. أعتقد أن القراءة الأفضل هي أن الرئيس دونالد ترامب سلبي للغاية في إدراك ما لا يعرفه، وبالتالي سيكون غير قادر بشكل خاص على تحسين الأمور. وليس هناك أي دليل على حدوث تحسن حتى الآن. ومع ذلك، حري بنا أن نفكر في إمكانية أن يستيقظ الرئيس في صباح يوم قريب ليدرك مدى السوء الذي تمضي به الأمور، ويتخذ إجراءات لتحسينها. وهذا ما فعله بيل كلينتون بعد أن أمضي الأيام الأولى في منصبه، وانتهى به الحال بأن صارت رئاسته محل تقدير بعد أن بدأت بداية بائسة. وفي المقابل، لم يكن البيت الأبيض برئاسة جيمي كارتر يعمل بشكل جيد جداً، ولم تتعافَ رئاسته من البداية السيئة التي بدأتها. ولو سلك ترامب الطريق الذي سلكه كلينتون، فسيكون قد فرط في اثنين من أهم الموارد: الوقت والسمعة. وقد ضاع المورد الأول لتوه، أما الثاني فمن الممكن استرداده، وإن كان هذا ليس سهلاً أيضاً، بطبيعة الحال. ولننظر إلى الأمر عن قرب. أولًا: الوقت الضائع: نعم، لقد ضاع حتى الآن أكثر من عشرة أسابيع من فترة الرئاسة التي تبلغ أربع سنوات. والكونجرس عادة يتقبل بشكل غير عادي أجندة أي رئيس جديد. وحتى عندما يكون الرئيس الجديد لا يحظى بشعبية، فمن الطبيعي إلى حد ما أن يعطي الأميركيون لهذا الرئيس فرصة أكبر بكثير مما قد يحصل عليه لاحقاً. وفكرة أن المئة يوم الأولى مهمة للغاية لا تخلو أيضاً من مبالغة، وإن كانت تستند على بعض الحقائق الملموسة حول كيفية عمل الرئاسة وكيفية عمل واشنطن. والخسائر الأولى تضر سمعة الرئيس أكثر من الخسائر التي تحدث بعد ذلك. وعلاوة على ذلك، فإن ترامب متأخر للغاية في نواح كثيرة إلى درجة أنه حتى إذا حدث تحسن سريع فإنه سيكون مع ذلك في شكل صعب وغير شعبي. وفي الكونجرس، وداخل وكالات السلطة التنفيذية، وحتى داخل البيت الأبيض، تميل المنافسة على الأجندة لأن تكون أكثر حدة مع تداخل الأحداث الخارجية والمواعيد النهائية المحددة (مثل الحاجة إلى الحفاظ على تمويل الحكومة وزيادة حد الدين). وهذا يعني أن الفرص التشريعية للرئيس ضاغطة. وقد انتهى الحال بكلينتون بتحقيق العديد من الانتصارات حتى بعد حصول الجمهوريين على الأغلبية في الكونجرس بغرفتيه بعد عامين من فوزه بالرئاسة. ثانياً: السمعة المهنية: جزء كبير من قدرة الرئيس الأميركي على التأثير على أعضاء الكونجرس والبيروقراطيين وحكومات الولايات وجماعات المصالح وحزبه وحتى القضاة، يتمثل فيما وصفه «ريتشارد نيوستادت» بـ«السمعة المهنية». وهذا ما تفكر النخب بشأنه، وليس الناخبون ككل. فما رأيهم في قدرته على أداء عمله؟ هل يمكنها الاعتماد على رأيه؟ هل هو مستعد للقتال من أجل تحقيق ما يريد؟ هل يزدهر أصدقاؤه ويعاني أعداؤه؟ كما يقول «نيوستادت»، فإن الأشخاص الذين يتعامل معهم الرئيس «يجب أن يكونوا مقتنعين في قرارة أنفسهم بأن لديه المهارة والاستعداد الكافي لاستخدام صلاحياته». لقد قام ترامب، في أكثر من عشرة أسابيع، بتدمير سمعته المهنية تماماً. وهو يتراجع باستمرار عن المواقف التي اتخذها بقوة. وبطبيعة الحال، فإنه يفشل باستمرار في قول الحقيقة. وهو لا يظهر أي إتقان للسياسة، أو حتى الكفاءة الأساسية. ويقوم البيت الأبيض، في ظل حكمه، باستمرار بتسريب قصص غير سارة عنه. لقد تمكن في وقت قياسي من تبديد شيء يتقاسمه كل الرؤساء الجدد: فكرة أنه يجب أن يكون لديه نوع من اللمسة السحرية للنجاح، حتى وإن لم تكن جلية بشكل واضح. وإن لم تكن قد ذهبت في وقت سابق في انتكاساته فيما يتعلق بحظر السفر وبعض خياراته الشخصية، فإن هزيمة ترامب حول الرعاية الصحية قد دفنت هذه اللمسة إلى الأبد. فأي سمعة جديدة ممكن أن يكتسبها بعد؟! ويظهر مثال كلينتون على وجه التحديد أن كسب سمعة مهنية أفضل هو أمر ممكن حقاً. لكنه قد يكون مكلفاً. لقد خسر كلينتون معارك كثيرة في أول عامين له في الحكم إلى درجة أن الجمهوريين أقنعوا أنفسهم بأنه يمكن الجدل معه بشأن أي شيء. ولم يغير الناس آراءهم إلا بعد غلق الحكومة مرتين في 1994-1995. ولكي يستعيد ترامب سمعته، ويتجنب حدوث أي خسارة في المستقبل، يجب أن يفعل ما حثه كثيرون على القيام به: أن يجلب كبير مستشارين محنكاً ويمكّنه من إدارة البيت الأبيض بشكل صحيح. جوناثان بيرنشتاين: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»