جاءت الضربة الأميركية العسكرية على القاعدة التي انطلق منها الهجوم الكيميائي على خان شيخون في ضواحي إدلب، لتؤكد مصداقية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي حذّر في عام 2013 من خطورة استعمال الأسلحة الكيميائية، وطالب باتخاذ خطوات رادعة ضد استعمال الأسلحة الكيميائية، لكن الإدارة السابقة لم تتخذ أي خطوات لردع النظام الاستبدادي في دمشق. الخطوة الأميركية لضرب القواعد السورية جاءت بعد رفض روسيا، في مجلس الأمن، تشكيل لجنة تحقيق حول الضربة باستخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون. وتجدر الإشارة هنا إلى أن النظام السوري قد استعمل الأسلحة الكيميائية ضد شعبه الأعزل ثلاث مرات منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011. ماذا تعني الضربة الأميركية ضد القاعدة السورية بالنسبة للعرب؟ وماذا تعني أيضاً بالنسبة لروسيا وإيران وباقي المؤيدين للنظام السوري؟ القادة العرب الذين توافدوا على واشنطن للتعرف إلى سياسة الرئيس ترامب، أكدوا أن القيادة الأميركية مهتمة جداً بتوثيق العلاقات العربية الأميركية، وأن من أولويات السياسة الأميركية هي محاربة الإرهاب ومناقشة القضية الفلسطينية.. لكن الضربة العسكرية لنظام الطغيان في سوريا ستفرح معظم القادة والشعوب العربية، لأن العرب في مؤتمر القمة عجزوا عن إيجاد حل للمعضلة السورية، وتركوا الأمر للخطوات التي يتخذها مجلس الأمن والدول العظمى. فالضربة الأميركية قد تعجل في إنهاء الأزمة السورية خصوصاً وأن النظام السوري تمادى في إيذاء شعبه المسالم. ماذا يريد العرب من الرئيس الأميركي بعد الضربة الأخيرة؟ العرب الذين كانوا لا يعرفون طبيعة ومزاج الرئيس ترامب بعد استلامه للسلطة، حيث ساد الشعور بالغموض وعدم المعرفة بالاتجاه الجديد الذي سيتخذه الرئيس ترامب تجاه المنطقة، رغم شعور جميع العرب بأنهم لا يتوقعون تراجعاً في الأهمية الاستراتيجية التي توليها الولايات المتحدة للمنطقة في عهد الرئيس ترامب. لقد ثبت حتى الآن، وبعد مرور أربعة أشهر عليه في البيت الأبيض، أن الرئيس لم يتناسَ دور المنطقة، بل العكس هو الصحيح، حيث ازداد اهتمامه بها، خصوصاً بعد اطلاعه على حجم المصالح المشتركة التي تربط بلاده بدول المنطقة، لاسيما المصالح التجارية والاقتصادية والسياسية والتعاون في مجال الأمن والدفاع. من أهم القرارات التي اتخذها الرئيس ترامب تجاه العرب، قبل الضربة الجوية فجر يوم الجمعة الماضي، استمرار بيع الأسلحة للعديد من دول المنطقة، وكذلك الإبقاء على القواعد الأميركية في المنطقة من دون تغيير، بل هناك توجه لبناء قواعد جديدة في العراق. لقد عبر أكثر من قائد عربي عن ارتياحه حيال سياسات ترامب قبل الضربة العسكرية، لاسيما رفضه للتدخلات الإيرانية في المنطقة. لذلك فإن هذه الضربة الجوية الأميركية ضد سوريا، هي تحذير قوي لأنصار الأسد، سواء أكانوا روسيا أم إيران أم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، تحذير مفاده أن السياسة الأميركية الجديدة لا تقبل قتل الأبرياء ونشر الفوضى في المنطقة.