يوم الجمعة الماضي، وأثناء مراسم التوقيع على أمرين تنفيذيين، ارتبك الرئيس دونالد ترامب فيما يبدو من سؤال لصحفي حول رفض لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي التماساً علنياً غريباً من مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق، للحصول على الحصانة. وبلغ ارتباك الرئيس درجة جعلته يغادر الغرفة دون أن يوقع على الأمرين التنفيذيين. وفي المؤتمر الصحفي ليوم الجمعة الماضي بدا «شون سبايسر» يراوغ ويبالغ ويتمحل أسباباً في محاولة للدفاع عن مزاعم جديدة مثيرة للغضب تثبت صحة كلام ترامب بأنه كان عرضة لمراقبة «سياسية» من إدارة الرئيس أوباما. وأساء سبايسر بشكل صارخ عرض تعليقات من ايفيلين فاركاس، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع في إدارة أوباما، التي وصفت مدى حرص مسؤولي الإدارة السابقة على التأكد من أن الوثائق الرئيسية لم يتم تدميرها. وربما هناك ثلاثة موظفين من البيت الأبيض هم مَن قدموا وثائق سرية إلى «ديفين نانز»، من لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، وهو نائب جمهوري عن ولاية كاليفورنيا، حتى يستطيع أن يظهر أمام الكاميرات ليزعم العثور على أدلة تؤكد تعرض ترامب للاضطهاد. ولم تتوافر بعد أدلة من هذا النوع. والأرجح هو أن حالة الهستيريا التي حدثت يوم الجمعة كانت استباقاً لتقرير قناة «سي. بي. إس. نيوز» الذي جاء فيه أن القناة علمت بأن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي. آي» يبحثون ما إذا كان موظفو حملة ترامب قد نسقوا عملهم مع عملاء روس في وقت مبكر مثل مارس عام 2016. وتقول مصادر إن العملاء يفحصون ما إذا كان هناك أفراد متعاطفون في حملة ترامب وجهوا مقرصنين إلى معلومات معينة في أنظمة الكمبيوتر للحزب الديمقراطي. وأضافت القناة: «وفقاً لتقييم هذه المعلومات الاستخباراتية غير السرية، بدأ قراصنة روس في مارس عمليات رقمية استهدفت الانتخابات الأميركية. وبحلول مايو، وفقاً لمسؤولين أميركيين، كان الروس قد سرقوا قدراً كبيراً من بيانات اللجنة القومية للحزب الديمقراطي». وإذا كان هذا لا يكفي لترويع ترامب فهناك التالي: «بعد عام من بدء العملية الروسية، تقول المصادر إن تحقيقات (إف. بي. أي) لم تنته بعد. وتتضمن عشرات العملاء في واشنطن ونيويورك ولندن. ووكالتا الأمن القومي والاستخبارات المركزية الأميركية (سي. أي. أيه) تجمعان أيضاً معلومات استخباراتية من داخل روسيا». ويأتي تقرير «سي. بي. إس» في نهاية أسبوع شرحت فيه مجموعتان من الخبراء في شؤون روسيا ومكافحة الإرهاب في جلسة استماع مفتوحة للاستخبارات في مجلس الشيوخ الطريقة التي عملت روسيا بها خلال وسائل الاتصال الاجتماعي وويكيليكس ووسائل أخرى، لنشر التضليل الإعلامي الذي يضر بخصوم ترامب. وشهد الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب كلينت واتس أمام الكونجرس قائلا: «خلال نهاية عام 2015 وبداية عام 2016 نشر نظام التأثير الروسي الذي تم وصفه سلفاً، أفكاراً ورسائلَ تسعى للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية. وسعت وسائل الإعلام الروسية الصريحة والمنافذ الوكيلة عنها إلى تهميش الخصوم في جانبي الطيف السياسي أصحاب الآراء المعادية للكريملين. والشهور الأخيرة السابقة على الانتخابات شهدت ذروة التركيز على مناقشات التأثير الروسي حتى الآن. لكن الإجراءات الروسية النشطة كانت تعمل على قدم وساق أثناء موسم الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين والجمهوريين، وربما ساعد هذا في تثبيط آمال المرشحين الذين كانوا أكثر عداءً للمصالح الروسية قبل فترة طويلة من تقليص ساحة المنافسة». وذلك يضاهي التسلسل الزمني لتقرير «سي. بي. إس» وربما يكون هناك ما يثير الشبهات دون أن يكون أي شخص من حملة ترامب له علاقة بتدخل روسيا في الانتخابات، ولو حتى بشكل غير متعمد، مثل إعادة نشر تغريدات الدعاية التي مصدرها روسي. وربما يكون حصول كل هؤلاء الناس على أموال من مسؤولين روس أو وكلائهم، مجرد مصادفة في الوقت نفسه وفي الحملة نفسها للمرشح الوحيد الذي يتبع نهجاً مؤيداً لبوتين. وربما تكون مصادفة كذلك أن فريق ترامب استطاع أن يغير برنامج اللجنة القومية للحزب الجمهوري فيما يتعلق بأوكرانيا ويقولون زوراً إن لا علاقة لهذا بالأمر. لكن ما معنى كل ذلك؟ في مرحلة ما يتعين على المرء أن يسأل عن السبب الذي جعل فريق ترامب يحاول إخفاء الاتصالات بروسيا ويقوم بغسل معلومات استخباراتية ليدعم زعماً قصد به تشتيت الانتباه عن فضيحة تواطؤ مزعومة ويواصل التخبط في عرض حقائق يمكن التحقق منها بسهولة كبيرة؟ من المؤكد أنهم يقومون بتقليد جيد لأشخاص مذعورين يحاولون إخفاء شيء ضار للغاية. جنيفر روبن كاتبة أميركية من المحافظين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»