إن كان العالم يريد حقاً القضاء على شجرة الإرهاب العالمي المشؤومة فعليه أن يقتلعها من جذورها، الآن وفوراً، فهذا هو الحل الوحيد بعيداً عن الحلول الآنية والترقيعية و«الترفيهية» والانتهازية، لأن مجرد «تقليم» الأغصان وحده غير كافٍ لمجابهة طاعون التطرف والإرهاب. ومن يرد تعريف الإرهاب، بالمختصر المفيد، فهو ممارسات جماعة «الإخوان المسلمين» وسلوكهم وإيديولوجيتهم وتاريخهم المظلم بكل تفاصيله ومن الألف إلى الياء، فالإرهاب هو «الإخوان» و«الإخوان» هم الإرهاب، وكل مَن لا يقول هذا صراحة فإما أنه لا يعرف «الإخوان» على حقيقتهم، أو لا يعرف الإرهاب على حقيقته، أو يتعامل مع الاثنين بمعايير مختلة أو مزدوجة. وهذا ما ينبغي أن تعرفه الإدارة الأميركية الجديدة وهي تستكشف، منذ مجيء الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، ملامح التحديات الجسام التي تواجه العالم كله وفي مقدمتها تحدي التطرف والعنف، وتكرر بإلحاح رغبتها في هزيمة الإرهاب والقضاء عليه، متعهدة باستراتيجية فعالة لهزيمة «داعش»، دون أن تنتبه لمن يقف خلف «داعش»، ومن يأخذ منه أصله ومادته وهو تنظيم «الإخوان». وهناك أسباب ملموسة وأدلة دامغة هي التي دعت دول المنطقة لتصنيف جماعة «الإخوان المتأسلمين» كمنظمة إرهابية وحظر نشاطها وممارساتها، ومن ثم سارت على خطى دول المنطقة أيضاً أطراف أخرى على صعيد عالمي مثل كندا وروسيا وغيرهما من الدول التي أدركت خطورة هذا التنظيم وإجرامه منذ تأسيسه في عهد الانحطاط خلال العقود الأولى من القرن الماضي. وهذه هي الحقيقة، التي لاشك فيها، فتصنيف «الإخوان» كمنظمة إرهابية أمر مبرر ومشروع ومفروغ منه، وتحصيل حاصل. وحينما قرنت معظم دول العالم «الحرس الثوري» الإيراني بـ«الإخوان» أصابت أيضاً كبد الحقيقة، وكانت محقة في المساواة بينهما لأن منشأهما وسلوكهما في العنف والتطرف واحد، بل ومتكامل أحياناً من ناحية الضرر الذي تتعرض له المجتمعات المسلمة، والمجتمعات المتحضرة الأخرى، من جراء عنف هذين التنظيمين، والتشدد الخبيث الذي يمارسانه، والفساد في الأرض الذي يوجدان به، ولا يعرفان سواه. ورغم الظروف التي وجدت فيها جماعة «الإخوان» في مختلف البيئات المكانية والظروف السياسية والأزمان الماضية، إلا أنها أثبتت، في كل مرة، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنها تنظيم عنف متطرف فكرياً ساعٍ للسلطة بكل طرق البطش والعنف. وهذا مسجل في نصوص «الإخوان» المؤسِّسة، وفي تاريخهم السياسي العنيف المخضب بدماء الاغتيالات السياسية، والعمليات التخريبية، والمؤامرات الانقلابية. ونهج «الإخوان» يقوم على مسخ العقول بالتطرف وإعدادها لممارسة العنف، وفق مبدأ السمع والطاعة في المنشط والمكره لمرشد «الإخوان»، وهو ما يذكّر مرة أخرى بمبدأ السمع والطاعة المطلق لـ«الولي الفقيه» في أيديولوجية حلفائهم وشركائهم الملالي. فجماعة «الإخوان» هي منبع الأيديولوجيات الهدامة، والحاضنة الأولى لكل الحركات الإرهابية المختلفة التي عرفتها العقود الماضية، وتلك الأخرى التي ما زالت توغل في الشر وتحيا بالغدر، فجميع زعماء «القاعدة»، بمن فيهم ابن لادن، ثبت للعالم أنهم كان يسيرون على فكر «الإخوان»، وعاشوا وترعرعوا في كنفهم. وكذلك آخرون مجرمون استطاع الفكر «الإخواني» أن يعشش في عقولهم ويسيطر على أفعالهم كالبغدادي وصفوت حجازي وشكري مصطفى والظواهري وغيرهم كثر ممن خربوا البلاد وأشاعوا في الأرض الإرهاب والفساد. إن تنظيم «الإخوان» هو من وضع لـ«القاعدة» معالم الطريق إلى عوالم الظلام، وهو من أسس لفكرة التكفير والتفجير، والتفريخ والتفخيخ، واعتبر الحضارة المعاصرة كلها «جاهلية قرن عشرين» يجب القضاء عليها، وأفكارهم هي «الدستور» المعتمد و«النموذج الإرشادي» لدى «داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي لا تعرف سوى لغة الدم، والتي تقتل المدنيين الأبرياء على الهوية، وتمارس العنف بأشنع وأبشع صوره. ولذا فإن المجتمعات التي اكتوت بشرور هذا التنظيم البائس تعرف أكثر من غيرها مخاطره وجرائره وجرائمه، وتعرف عدم صلاحية هذا الفكر المتطرف في المجتمعات الحديثة، وطبعاً لا علاقة لتنظيم «الإخوان»، من قريب أو بعيد، بالديمقراطية التي يتغنى بها الغرب، ويمارس التنظيم أمامه «التقية»، كنظام الملالي، حين يتظاهر بقبولها. وفي تاريخ التنظيم «الإخواني» نفسه لم تعرف عنه ممارسة الديمقراطية داخله، و«المرشد» يتم اختياره على طريقة «بيعة المقابر» الشهيرة! وبالأمس القريب عندما ركبوا الموجة وانتهزوا فرصة الفوضى العارمة ووصلوا إلى سدة الحكم في مصر، كشروا عن أنيابهم، وعملوا على «أخْونة» الدولة والمجتمع في مصر، وسعوا لبيع سينا كبلد مهجر جديد للفلسطينيين ودخلوا في لقاءات ومعاهدات مع أعداء الأمة كالنظام الإيراني. وبعد أن عزلهم الشعب شكلوا الحركات الإرهابية التي تمارس الإرهاب الطليق الآن بين الحين والآخر في سيناء وما جاورها. كما أن دعمهم للانقلابيين في اليمن ومحاولتهم استغلال الظروف لإطالة أمد الحرب هناك، والوقوف بجانب «القاعدة» و«الحوثيين» دليل آخر، لمن لا زال بحاجة إلى دليل، على طبيعتهم العنيفة، والأسباب التي تدعو لحظر هذا التنظيم إقليمياً وعالمياً والقضاء عليه نهائياً.