عندما توجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمشاركة في القمة العربية الـ 28 التي استضافها الأردن الشقيق، غرد بقوله: «لدينا في منطقتنا الكثير من الأمل إذا أحسنا العمل على استغلال الطاقات والموارد، ونتمنى التركيز على الفرص المشتركة، وليس فقط على إطفاء حرائق المنطقة». وليست هذه الحكم غريبة على صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فهو ينطلق من أرضية صلبة، لقد نجح مع إخوانه شيوخ الإمارات في تحقيق ما نفخر به من إنجازات، لذلك كان الأمل شعاره والتفاؤل طريقة تفكيره. لكن يبدو لي أن العرب ما زالوا بعيدين عن الاستفادة من مثل هذه الحكمة، لذلك من يتابع أهم قرارات القمة العربية يجدها تدور في الحلقة نفسها التي آن لنا أن نتفكر في طرق الخروج منها بدلاً من الإبحار داخلها. اسمحوا لي أن أذكركم بأهم قرارات القمة العربية التي لخصها البيان الختامي، إذ ثمة تأكيد على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث، ومساندة جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن. كما تم التأكيد على تكثيف العمل لإيجاد حل للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا، وينهي وجود الجماعات الإرهابية فيها، والتأكيد أيضاً على وحدة العراق واستقراره كركن أساسي من أركان الأمن القومي العربي. كما أعربت القمة عن القلق إزاء تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، وهي ظاهرة لا تخدم إلا الجماعات الإرهابية، ودعت الدول لعدم نقل سفاراتها إلى القدس، ولتكريس جميع الإمكانات اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية في مختلف الأماكن. وتم استنكار الانتهاكات بحق أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار، وشدد قادة العرب على ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا من خلال مصالحة وطنية ترتكز على اتفاق الصخيرات، ورفض كل التدخلات في الشؤون العربية، وانتهاك مبادئ حسن الجوار. وأخيراً، فإن العرب يدعمون مخرجات مؤتمر باريس للسلام الذي جدد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين. ومن تابع آراء أهل الفكر بعد القمة، يجد الثناء على حسن تنظيم اللقاء، فاجتماع العرب خيرٌ من فرقتهم، ولا بد من التشبث بكل ما يوحدهم. لكن نجد بعض الإحباط لمثل هذه القرارات التي أكدت ما مضى من توجهات، لكنها لم تأتِ بأفكار قابلة للتطبيق. اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أكون إيجابياً واقترح فكرةً علّها تجد من يتبناها. الإرهاب أزمة نعاني منها نحن العرب، لأننا أكبر الخاسرين بسببه، وقد تكرر ذكره في بيان القمة العربية، لكننا إلى اليوم لم نحدد مصادره الحقيقية، بل نجد تناقضات عربية وعالمية تجاه هذه القضية. لقد نشرت «الإندبندنت» مقالاً لـ «آدم دين»، المدير التنفيذي لمركز quilliam المتخصص في مكافحة التطرف في بريطانيا، استعرض فيه الأسباب المحتملة لاعتناق المتحولين إلى الإسلام حديثاً للفكر المتطرف، مشيراً إلى أن دوافع الغالبية العظمى منهم نادراً ما كانت سياسية. وبعد دراسة حالات عدة، وُجد أن «المتحولين للإسلام يمرون عبر عملية تحول سريعة نحو النهج المتطرف». فإذا لم تكن السياسة سبباً للتطرف، فما هو مصدر هذا الفكر الذي يجتاح الأرض؟ أقترح أن يتبنى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية فكرة تنظيم مؤتمر دولي يبدأ في أبوظبي، وتكون له أيام في إسطنبول ولندن وواشنطن، للإجابة عن سؤالين، من هو الإرهابي؟ وما دور الجماعات الدينية في تكوينه؟ لأننا إنْ تمكنا من توحيد الرؤى حول هذه القضية، وفق منهجية علمية، فسنكون قد قدّمنا للعالم تمهيداً علمياً وعملياً للتعامل مع أخطر ظاهرة تواجه السلام العالمي.