يتباهى دونالد ترامب بأنه عبقري اقتصادي خلق فرص عمل وقلص 12 مليار دولار من الدين القومي وفي عهده انتعشت أسواق أسهم منتعشة خلال شهرين فحسب. لكن ترامب ورث وضعاً اقتصادياً جيداً يتمثل في انخفاض معدل البطالة، ونمو معقول، ومكاسب جيدة على مستوى الأجور. والواقع أن هذا الوضع الاقتصادي الجيد لا يصب في مصلحته سياسياً. وإذا كان للتاريخ أن يعلمنا شيئاً فإن 77 شهراً الماضية من النمو في الوظائف لن تستمر أطول من هذا. وعلى النقيض من هذا، ورث أكثر الرؤساء نجاحاً، منذ روزفيلت، اقتصاداً متعثراً وحصدوا رصيداً سياسياً لأنهم انعشوا هذا الاقتصاد. فقد تولى ريجان السلطة في غمرة نمو بطيء وتصاعد في التضخم. واضطلع أوباما بالسلطة في بداية أسوأ أزمة اقتصادية عالمية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. والظروف الاقتصادية زادت سوءاً في كلا المناسبتين وتجاوزت البطالة نسبة 10? قبل أن تتحسن بشكل ملحوظ لتخدم كلا الرئيسين سياسياً. ويعول ترامب، الذي وعد باقتصاد منتعش يبلغ نموه 4%، على تقليص كبير في الضرائب وإنفاق ضخم في البنية التحتية لخلق فرص عمل. لكن الزعماء الجمهوريين في الكونجرس أصروا على أن الأولوية الأولى لإلغاء نظام الرعاية الصحية الذي يعد علامة بارزة في رئاسة أوباما واستبداله بآخر. وفشلوا في ذلك، مما كشف عن انشقاقات في صفوف الجمهوريين وعدم الكفاءة السياسية لرئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين، وعجز ترامب عن الضغط على أعضاء الكونجرس أو إقناعهم. وأفسد هذا في الأساس الشهور الثلاثة الأولى الحيوية في حكم الجمهوريين. فقد تم إرجاء تشريع لإعادة بناء الطرق والجسور والموانئ. فمهما يكن من أمر ما يتحقق فسيكون على الأرجح أقل طموحاً من وعود حملة ترامب وميزانيته المقترحة. والأولوية الآن هي لإصلاح الضرائب بتقليص الضرائب على الأفراد والشركات وتوسيع القاعدة لتغطية بعض من العائدات المفقودة. وتوقع وزير الخزانة «ستيف منوتشين» أن إصلاح الضرائب سيكون «أبسط بكثير» من الرعاية الصحية. لكن بعد الهزيمة الساحقة في مجال الرعاية الصحية نتوقع أن يركز ترامب في تقليص الضرائب على الطبقة المتوسطة أكثر من تركيزه على تقليصها على الشركات الكبيرة والأغنياء. وقد يواجه البيت الأبيض مشكلة أخرى مع مجلس الاحتياط الاتحادي. ففي الثالث من فبراير المقبل، تنتهي فترة ولاية رئيسة المجلس «جانيت يلين»، وهي اقتصادية ديمقراطية مرموقة عينها أوباما قبل ثلاثة أعوام. والواقع أن هناك تكهنات، بل وحشد الدعم لمن سيخلفها. والخيارات تتضمن «كيفين وارش» الرئيس السابق للاحتياط الاتحادي و«جلين هوبارد» عميد كلية الاقتصاد في جامعة كولومبيا واقتصادياً جمهورياً بارزاً من إدارة الرئيس السابق بوش الابن. وهناك من يتحدث عن أن «جاري كوهن»، المستشار الاقتصادي البارز لترامب والرئيس السابق لجولدمان ساكس، قد يكون خياراً أكثر ملاءمة من وجهة نظر ترامب. وإذا كان لدى ترامب أي أيديولوجية اقتصادية فإنها تتمثل في تفضيله خفض معدلات الفائدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»