بات معلوماً لكثيرٍ من المهتمين، أن الصدقيّة غائبة في المواد التي يجري نشرها في عدد من الصحف والمجلات العالمية، بينها أميركية وبريطانية بارزة، والحديث عن وجود نسبة من الصدقية مهما كانت ضئيلة، ينقل الأمر من الشك إلى اليقين، وخاصة ما ينشر في الملاحق العلميّة، وما يهتم بالصحة العامة، كما أن القصص الخبرية السياسية ليست في منأى عن ذلك. ما العمل في حالات كهذه، وأغلب الكتّاب يضطر إلى الاعتماد على ما تنشره تلك الصحف العالمية من أخبار وتحليلات؟! المسألة ليست مريحة على الإطلاق، وتبدو مُفزعة في بعض جوانبها. وليت هذه (التهمة) التي لاقت صدىً إيجابياً، اقتصرت على المطبوعات الورقيّة فقط، لكان الأمر أهون، ولكنها طالت المواقع الإلكترونية وبعض قنوات الإذاعة والتلفزة، من بينها صحيفة «نيويورك تايمز» و«نيوزويك» وقناة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد وصمت «بعدم الدقة العلمية في ما تنشره وتبثه من مواد». أما إذاعة «البي بي سي» وصحيفة «الغارديان» البريطانيتان، إضافة إلى مجلة «الناشيونال جيوغرافيك»، فقد تميزت «بحرصها على دقة المعلومة وصدقيتها». من يريد المزيد الدخول إلى (أنفوغرافيك: ذي بيست أند وورست نيوز سايتس). قد يسمع المرء أحياناً أن الصحافة سيئة، ولكنه يشعر بالغصة تحديداً حين يعلم أن مستوى الصدقيّة في ما ينشر أكثر سوءاً. والسؤال الذي يتردد على الأسماع أكثر من مرة: كيف لي معرفة ما إذا كانت القصة الخبريّة التي قرأتها، مزيفة؟ سؤال تصعب الإجابة عنه بسهولة. الأمر يحتاج إلى حدس يعتمد على تراكمات طويلة من الخبرة. لاشك أن هنالك صحفيين يحرصون على دقة المادة وصدقيتها العالية قبل نشرها، ولكن في المقابل هنالك من ينشر المعلومة بالطريقة التي يرغبها، ولا يلقي بالاً لغير ذلك، ليجد الشخص منا نفسه، كل يوم، أمام نوع من الأخبار، تجلب له إما الكآبة والحزن، وإما الغضب والثورة على نفسه، أو ليجد نفسه أمام نوع من الأطعمة، الذي إما أن يشفيه من السرطان، وإما أن ينهي حياته! والأمثلة: من كان يعتقد أن قرار منع أجهزة الكمبيوتر المحمول، على الرحلات الجوية المتجهة إلى أميركا، وراءه خطة لضرب الخطوط الجويّة الناجحة في بعض الدول الخليجية، بينها الإمارات وقطر.. مَن؟! بل من كان يعتقد أن قرار منع جنسيات بلدان عربية بعينها، تمرُ بحالات ضعف مؤقتة، من دخول أميركا لمدة 3 شهور، وراءه خطة «ابتزاز» دول أخرى في المنطقة، تمر بحالات رخاء وازدهار، وذلك على قاعدة «أضرب الضعيف ليخافك القوي ويضعف»؟! أو من كان يصدق الأخبار المنشورة في الصحف الأميركية، خلال الفترة القصيرة الماضية، أنها أخبار جادة وسليمة، حول نية أميركا «تشكيل جيش من العرب السنّة في العراق، بدعم أميركي» بهدف مزدوج: إعادة التوازن الأهلي الطبيعي لتلك الساحة المضطربة، والحد من النفوذ الإيراني في العراق، وبلدان أخرى في المنطقة العربية؟ ويصدق أن أخباراً كهذه ليست إحدى الطرق التي تدغدغ بها أميركا (رغبات مشروعة) لدى بعض الأطراف في المنطقة، لتحقق أميركا في المقابل هدفاً (اقتصادياً) بحتاً فيه استحواذ على ثروات الآخرين؟! إن القرارات (الشعبويّة) التي يجرى اتخاذها في أميركا هذه الأيام، لم تلق نجاحاً، ولن يلقى تكرارها أية فرصة للمرور. والسبب بسيط جداً. هو أن هذا المستوى من القرارات يخلو من أية فائدة للمواطن الأميركي داخلياً، حتى وإن أدرجت ضمن قانون «الحمائية». المُنتظر من الرئيس دونالد ترامب، قرارات تليق بمكانة أميركا في العالم.