«الدورة الافتتاحية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع» التي انطلقت أمس الاثنين برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وتستمر فعالياتها حتى الثلاثين من مارس الجاري في أروقة جامعة «باريس السوربون- أبوظبي»، تجسد الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة لقطاع الصناعة، والعمل على تطويره باعتباره القاطرة التي تقود مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، كما تعكس في الوقت ذاته حرصها على تسليط الضوء على القضايا التي ترتبط بالتنمية في ظل ما يطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة، بالنظر إلى ما تشكله هذه القضية من أهمية متزايدة لجميع دول العالم. أهمية هذه القمة التي تأتي بمبادرة مشتركة بين وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو»، وتشارك في استضافتها دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، لا تكمن فقط في كونها أول تجمع عالمي للقطاع الصناعي، يجمع صناع القرار من قادة الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني، لتبني نهج تحولي في صياغة مستقبل القطاع، وإنما أيضاً لأنها تهتم بقضية تستحوذ على اهتمام دول العالم أجمع، الصغيرة والكبيرة، وفي مقدّمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، من منطلق أن الصناعة هي القاطرة المحركة للنمو الاقتصادي الكلي، لما تتميز به من خصائص تسهم في تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى. ولا تتوقف أهميّة «القمة العالمية للصناعة والتصنيع» في أبوظبي على طبيعة القضية التي تهتمّ بها فحسب، وإنما تزداد أهميتها بالنظر إلى مشاركة أكثر من 1200 خبير دولي من صناع القرار وممثلي الحكومات والشركات والقطاع الخاص، ومن ثم تجمع هذه القمة جميع الأطراف المهتمة بقطاع الصناعة، يضاف إلى ذلك طبيعة القضايا التي ستتناولها القمة، حيث ستناقش ستة محاور رئيسة، هي الثورة الصناعية الرابعة، والابتكارات والتكنولوجيا الصناعية، والتعليم والتدريب والوظائف، و«مساهمة» الشركات الصغيرة والمتوسطة في منظومة سلاسل القيمة العالمية، وتعزيز النمو الصناعي بما لا يؤثر في البيئة والاستدامة، وأخيراً تحديات تشغيل العمالة والآثار الاجتماعية المرتبطة بانتشار النشاطات الصناعية. هذه القمة التي ستسلط الضوء على أهم التحديات التي تواجه مسيرة القطاع الصناعي خلال المرحلة الحالية، تؤكد المكانة المتميزة التي تحتلها الإمارات في قطاع الصناعة، خاصة فيما يطلق عليه الثورة الصناعية الرابعة التي تقوم بالأساس على التقدُّم الكبير في تصنيع الإنسان الآلي، وربط الأشياء مع بعضها بعضاً عن طريق الإنترنت، ودخول عصر البيانات الكبيرة، وتقنية الهاتف النقال، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتقنيات الانتقال فائق السرعة، مثل تكنولوجيا الـ «هايبر لوب»، وغيرها من التقنيات التي من شأنها تحويل الحياة التي كانت افتراضية في الماضي، إلى واقع مَعِيش، ويمكن استخدامها في مختلف الأنشطة الاقتصادية، بل في إمكان الأفراد العاديين الوصول إليها. كما أن هذه القمة التي تجمع هذا العدد الكبير من الخبراء والمتخصصين والعاملين في مجال الصناعة والتصنيع على أرض الإمارات، تمثل شهادة عالمية على ما تتمتع به الدولة من قدرة على استضافة الفعاليات الدوليّة الكبرى من ناحية أولى، وما تمنحه للصناعة -أو بالأحرى، الثورة الصناعية الرابعة- من موقع مركزي في استراتيجياتها التنمويّة، من ناحية أخرى، حيث تعطي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير القطاع الصناعي أهميّة محورية، وتبذل جهوداً حثيثة منذ عقود طويلة لبناء قطاع صناعي وطني متطور وقادر على لعب دور محوري في تحقيق التنمية، من منطلق أن الصناعة هي القطاع الذي يعول عليه في قيادة التقدم الاقتصادي في أي دولة، لما يتميز به من خصائص لا تتوافر لغيره من قطاعات، فهذا القطاع يستخدم التكنولوجيا بشكل موسع، ما يمنحه قدرة كبيرة على التطور السريع، كما أنه على درجة عالية من التشابك مع بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، ما يتيح له فرصة التأثير فيها، من خلال ما يطوره من تكنولوجيات وأساليب وطرق إنتاج حديثة وآلات ومعدات، فضلاً عن دوره الرئيس في تزويد الكوادر البشرية بالمهارات والخبرات، وتطوير طرق التعليم والتدريب وتناقل المعلومات، وهي القضايا التي تقع في صلب محاور القمة العالمية للصناعة والتصنيع. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية