في نهاية الأسبوع الماضي، أجرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقييماً مدروساً لنهج الرئيس دونالد ترامب لمحاربة الإرهاب. وخلاصة القول إن هذا النهج يشبه كثيراً نهج الرئيس باراك أوباما. وهو يركز على استخدام غارات العمليات الخاصة والقوات الجوية الأميركية، ولكنه يعتمد في الأساس على الشركاء المحليين لتقديم الجزء الأكبر من القوات البرية. ولكن هذا النهج ليس أيضاً نسخة طبق الأصل من نهج أوباما. فهو أكثر انفتاحاً على المخاطر، حيث يسمح بالقيام بمزيد من المهام أكثر مما كان يفعل أوباما، ويفوض القادة العسكريين التابعين له لاتخاذ مزيد من القرارات. ولكن مقارنة بالبدائل الرئيسية -مثل غزو تقليدي كبير، أو ضربات جوية غير مقيدة، أو أي شيء آخر من هذا القبيل- فإن نهج ترامب يشبه سياسة أوباما في عام 2016. ودعونا نكون واضحين، كانت سياسة أوباما لعام 2016 في حد ذاتها بمثابة تنصل من نهجه السابق. وخلال الفترة من أواخر 2011 إلى أواخر 2014، حاول أوباما جاهداً تنفيذ نوع مختلف من الحرب على الإرهاب، حرب تتماشى مع استراتيجيته المفضلة لتحقيق التوازن في الخارج. وخلال هذه الفترة، ركز أوباما على سحب القوات البرية الأميركية تماماً والاعتماد إلى حد غير عادي على القوات المحلية للقيام بجميع العمليات الكبيرة. وعول أيضاً على نطاق واسع على ضربات الطائرات من دون طيار في أي عمل يقوم به ضد الإرهابيين. وهذه المرحلة من الحرب على الإرهاب تم تحسينها إلى أقصى درجة لتجنب أخطاء الإهمال. وحكم أوباما بأن هذه المخاطر مقبولة خلال هذه المرحلة؛ لأنه قال إن لب تنظيم «القاعدة» كان في سبيله للهروب، وإن معظم الفروع التابعة للتنظيم (مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية) من الممكن للقوات المحلية التعامل معها، وإن الجماعات الإرهابية الناشئة الأخرى مثل «داعش» يمكن الحد من خطرها لأنها كانت تهديدات «أحدث زمنياً». لقد فشل هذا النهج بشكل سيئ إلى درجة أن المدافعين عن تلك السياسة حاولوا دون جدوى الإقناع بأن نهج أوباما لا ينبغي وصفه بأنه يصنف ضمن ما يسمى «تحقيق توازن التدخل خارج الحدود». وقد وجدت خط الدفاع هذا مثيراً للتساؤل، ولذا فقد طلبت، خلال مؤتمر عقد مؤخراً، من المؤيد الرئيسي لنهج «تحقيق التوازن خارج البلاد»، كريستوفر لاين، أن يفصل في هذه المسألة. فأكد أن نهج أوباما بالنسبة لمشكلة تنظيم «داعش» في سوريا والعراق خلال المرحلة من 2011- 2014 كان يستند، في الواقع، إلى تحقيق فكرة «التوازن خارج البلاد». وبمجرد ظهوره، شكل تنظيم «داعش» تهديداً قوياً بما يكفي لزعزعة استقرار التوازن المحلي للقوى -عدم استقرار فاجع إلى درجة لا يمكن تجاهلها- أجاز أوباما التحول التدريجي إلى الداخل. وفي البداية، حاول أن يجعل التحول بسيطاً قدر المستطاع، إلى درجة السذاجة، كما كان الحال مثلاً عندما تظاهرت إدارة أوباما بأن التدخل لا يشمل «قوات برية». ولكن بمرور الوقت، رفع أوباما تدريجياً الحدود القصوى التعسفية على أعداد القوات الأميركية المنتشرة، وسمح تدريجياً بقواعد اشتباك أكثر تساهلاً. وهذا النهج الجديد، الذي يمكن وصفه بأنه «متوسط البصمة» أو من الدرجة المتوسطة، بدأ في إظهار نتائجه. وبنهاية فترة ولايته، استطاع أوباما أن يفخر بأن الولايات المتحدة كانت أخيراً على طريق النجاح ضد تنظيم «داعش». وكان أوباما ومؤيدوه في الحزب الديمقراطي أقل صراحة بكثير بشأن فشل نهجهم السابق، ولكنهم ربما كانوا محقين أيضاً في الزعم بأنهم وجدوا أخيراً نهجاً من أفضل البدائل لتسليمه إلى خلفهم. وعلى رغم انتقاده المرير لأوباما خلال الحملة، يبدو أن ترامب وافق على خط سلفه، لأنه لم يعدل في هذا النهج كثيراً، حتى الآن. فقد كثف الجهود - تماشياً مع خطابه أثناء الحملة بأن يكون أكثر جرأة في القتال ضد تنظيم «داعش»- ولكن ليس بطريقة من شأنها أن تغير أيضاً بشكل جذري النهج «متوسط البصمة». وهذا يقودنا لسؤال هو: ماذا سيفعل ترامب إذا هزم «داعش»، في شكلها الحالي، في النهاية؟ إن هزيمة ما يسمى «داعش» ستكون نقطة تحول مهمة في الحرب على الإرهاب، ولكنها، في الواقع، قد لا تقضي أيضاً على التهديد الإرهابي إلى الأبد. وسيبقى شكلاً من أشكال التهديد، ويجب أن يقرر صناع السياسات في الولايات المتحدة طريقة المواجهة في المستقبل. ووفقاً لتقديرنا، فإن خيارات ترامب ستشبه كثيراً الخيارات التي كانت أمام أوباما وبوش من قبله: 1) فك الارتباط العسكري، أي العودة مرة أخرى إلى نهج «تحقيق التوازن في الخارج»، كما فعل أوباما من 2011- 2014. 2) مكافحة الإرهاب بدرجة «خفيفة» أقل زخماً، أي كما فعل أوباما في أواخر 2014. 3) مكافحة الإرهاب بدرجة متوسطة، أي الاتجاه الذي تحول إليه نهج أوباما في أواخر 2016 وانتهجه ترامب حتى الآن. 4) حدوث طفرة في الحرب على الإرهاب، وهي الطريقة القصوى التي اختارتها إدارة بوش عام 2007. ------------------- بيتر فيفر* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»