تتضمن الدعاوى القانونية المرفوعة ضد «يوجي أديتياناث»، رئيس الوزراء الجديد لولاية أوتار براديش، وهي أكثر الولايات الهندية اكتظاظاً بالسكان إلى جانب أهميتها السياسية، اتهامات بمحاولة القتل والترهيب. وعلاوة على ذلك، تنسب إلى هذا السياسي المكرس حديثاً، والذي يحكم ولاية يبلغ عدد سكانها 200 مليون هندي، 20 في المئة منهم تقريباً من المسلمين، مواقف دينية متطرفة ضد المسلمين! وقد أيد بحماس الحظر الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المهاجرين القادمين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة. ومع ذلك، فإن قرار حزب «بهاراتيا جاناتا» بزعامة رئيس الوزراء مودي بأن يرفع من شأن «أديتياناث»، وذلك بتعيينه في منصب سياسي رفيع، قد أحدث صدمة وقلقاً واسعي النطاق. ويشعر بعض المراقبين للسياسة الهندية بالقلق لأن الحزب الذي فاز في انتخابات ولاية أوتار براديش الأسبوع الماضي، على وعد بتحقيق تنمية اقتصادية وتوفير فرص العمل، يبدو الآن أنه يتراجع. ومن الممكن القول إن مثل هذه «الصدمات» يشعر بها فقط المخدوعون والسذج والمراوغون، حيث إن ترقية «أديتياناث» إلى هذا المنصب هي ببساطة دليل على ما كان واضحاً بالنسبة لأي شخص شهد صعود القوميين الهندوس إلى السلطة من خلال عقود من خطاب التشدد القومي. ومودي، وهو نفسه كان متهماً بعدم الفاعلية لوقف أعمال عنف ضد المسلمين عندما كان رئيساً لوزراء ولاية جوجارات في عام 2002، لم يخف ولاءه للمثل اليمينية للقومية الهندوسية. كما أنه لم يقلل أيضاً من عزمه على القيام بما يلزم لترسيخ «الهندوسية» في المؤسسات الهندية. والوعد الذي قطعه أثناء الانتخابات بزيادة فرص العمل، إلى جانب أمور أخرى، ما هو إلا وسيلة لتحقيق هدف أسمى: جعل الهند دولة هندوسية قوية. وأولئك الذين يتوقعون فقط التنمية والإصلاحات الاقتصادية من مودي -والذين يلتمسون العذر لبعض تصريحاته باعتبارها الثمن مقابل كسب الدعم السياسي- عليهم إعادة النظر في افتراضاتهم. فهم يتجاهلون درساً بسيطاً ودائماً: أن الوسائل الملتوية لا يمكن أن تحقق أبداً غايات مفيدة. وليست هناك أي إشارة إلى الطريقة التي سيقوم مودي من خلالها بالتوفيق بين خياراته السياسية والاقتصادية. وفي الواقع، فإن الحماس الأيديولوجي الذي تنطوي عليه بعض الكلمات يذكرنا بأن الوعد بـ«مزيد من الإصلاحات» في خطاب الحملات الحزبية والانتخابية كان، في الغالب، بمثابة طُعم جذب للمستثمرين الأجانب والصحافة المالية، وقد ظل يتكرر لما يقرب من ثلاثة عقود. وعلى سبيل المثال والمقارنة، فإن رئيس روسيا السابق «بوريس يلتسين» كان يحظى بالثناء من قبل مجلة «الإيكونوميست»، وغيرها، بسبب «الإصلاحات» التي قام بها، حتى وهو يشرف على بيع بلاده للقلة الحاكمة (الأوليجارية). ولكن يبدو أن بعض السياسيين الذين يقومون بإصلاحات اقتصادية قد تكون لديهم أحياناً أجندات سياسية محددة، مثل القومية الهندوسية عند مودي. وليس من الواضح أن الإصلاحات الاقتصادية ستكون متاحة للجميع في ظل مثل هذا النظام. ولهذا السبب فإن رفع الشعارات عن القيام بإصلاحات يردد اليوم عن غير قصد صدى العديد من الدفاعات الفكرية للنظم السلبية في الماضي. وفي أحسن الأحوال، فإن المشروعات المجردة التي يشار إليها بعبارة «الإصلاحات الاقتصادية» قد تكون نتائجها غير مؤكدة وطويلة الأجل، فمن غير الممكن استخدامها للتغاضي عن الازدراء الأساسي للكرامة الفردية الذي يظهره الكثير من الإصلاحيين الاقتصاديين في الوقت الحاضر. وقد أضفى المستثمرون والنقاد والصحفيون الشرعية والتطبيع على سياسيين سلبيين من خلال زعم المضي قدماً في «الإصلاحات» و«التحديث». ينشر بترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»