عنوان المقال هو نصٌ لمقولة أعلنها مؤخراً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهي بحق جاءت في الوقت المناسب؛ إذ ارتفعت أصوات من جهات عدة تشير إلى أن أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضى. وتؤكد تلك الأصوات، التي تهدف من وجهة نظري إلى ضرب اللحمة الوطنية بين دول المجلس، أن المخاطر التي تهدد دول الخليج العربية تشمل بجانب إيران، تهديدات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وهي، حسب قولهم، مخاطر قديمة جديدة، ولكنها أصبحت أكثر تأثيراً في المرحلة الراهنة. ولكن واقع الحال يشير إلى عكس ذلك تماماً. فدول مجلس التعاون الخليجي قد نجحت بصورة كبيرة في مواجهة المخاطر الاقتصادية النابعة من الاعتماد شبه الكلي على النفط كمصدر للدخل، وذلك بتنويع مصادر الدخل الاقتصادي، وهو أمر يلمسه المواطن الخليجي يومياً كما ترصدها المنظمات الاقتصادية العالمية. كما استطاعت دول المجلس أن تستمر في تطوير سياساتها الاجتماعية والتعليمية والصحية، بهدف توفير أفضل حياة لمواطنيها والجاليات العاملة على أرضها. أما الجانب السياسي، فكان وما يزال الدور الأكبر والأهم فيه يقوم به المواطن الخليجي، الذي يقف بجانب قيادة دولته مؤمناً بقدرتها على تأمين الاستقرار والأمان له ولأسرته. ولذلك نشهد مدى اللحمة والتقارب بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والقيادات السياسية في مواجهة مختلف التهديدات سواء الداخلية أو الخارجية. ولقد لخص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العلاقة بين المواطن الخليجي وقيادته في ظل الأوضاع الحالية عندما قال سموّه: «إننا نمضي في مسيرة تنمية وازدهار مشتركة، تجمع دول الخليج وشعوبها، وتقدم نموذجاً إيجابياً مضيئاً في منطقة تعاني ما تعانيه من الفوضى والعنف». وشخصياً، وطيلة فترة انشغالي بالأبحاث والدراسات، وتحديداً حول أمن الخليج العربي، لم أخرج بنتيجة واحدة أقوى من التهديد الإيراني لأمن دول الخليج العربية. فإيران تعمل منذ عقود على تحقيق عدة أهداف تراها استراتيجية لضمان بسط سيطرتها ونفوذها على دول الجوار. ومن أبرز تلك الأهداف محاصرة دول الخليج العربية، وتدمير العلاقة بين المواطن الخليجي وقيادته، وبث الرعب في نفوس شعوب دول الخليج العربية من خلال «الهالة» العسكرية الإيرانية. وفي هذا الإطار، نجد إيران تحاول اختراق أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومحاصرتها من خلال احتلال جزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث، ودعم جماعة «الحوثي» التي توصف بأنها ذراع إيران العسكرية في اليمن، بجانب سيطرة إيران على المشهد السياسي في العراق وتدخلها العسكري بجانب النظام ضد الشعب السوري وتأييدها الشامل لـ«حزب الله». ومن جانب آخر تعمل إيران على ضرب اللحمة الوطنية في دول الخليج العربية من خلال تقوية الفتنة الطائفية، وبث بذور التفرقة بين الإخوة في المجتمع الخليجي الواحد. ومن ناحية ثالثة، تملك إيران برنامجاً نووياً هدفه الرئيس السيطرة على منطقة الخليج العربي. وهي تلعب بورقة ذلك البرنامج لبث الخوف داخل دول الخليج العربية، إضافة للضغط على الدول الغربية للحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد الاقتصادية، ولكي تغض تلك الدول الطرف عما تفعله إيران في دول الجوار. ولكن واقع الأمر يؤكد أنه كلما زاد الخطر الإيراني قوة، نجد اليقظة والإرادة والعزيمة ووحدة الصف بين دول الخليج العربية في ذروتها لمواجهة السياسات الإرهابية للملالي. وأبرز برهان على ذلك مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه في الخامس والعشرين من شهر مايو 1981، والذي أثبت قدرته على مواجهة المد الإيراني والحفاظ على أمن واستقرار شعوبه والصمود أمام مختلف التهديدات التي واجهته.