تأملت في كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تضمنت وقفات وطنية وإنسانية واجتماعية واقتصادية لتشكل «مصفوفة» يمكن الوقوف على رسائلها، لاستشراف المستقبل. ويبدو، أن سموه أخذ بحكمة النجارين التي تقول: «قس مرتين وأقطع مرة واحدة». الكلمة، قيست مرات، قبل إلقائها، لتخدم الهدف. يعد «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل» وعاءً استثمارياً ومجمعاً نوعياً للأجيال، من ناحية تشكيلته وموضوعاته. استفتح سموه بفيلم قصير، تمحورت رسالته، حول ثلاثة أنواع، من البشر، في صورة ورق الشجر وغصنه، والجذور. تبقى الجذور رغم العواصف راسخة تمد الأغصان بأسباب الحياة، بخلاف ورق الشجر وأغصانه التي تتأثر وتتساقط بهبوب الرياح، وكذلك البشر، منهم يبقى في حياتك تستند إليه في الملمات، بخلاف الآخرين الذين يأتون ويرحلون ولا يشعر بهم أحد. وتبقى الجذور المتمثلة في البشر، الذين تستند إليهم، يصدون الأعادي ويصونون أسوار الوطن، بالتضحية والفداء. تمثلت هذه الصورة بكل تجلياتها، في كوكبة شهداء الوطن، الذين أبدى سموه اعتزازه بهم، وبمواقف أمهاتهم في اليوم العالمي للمرأة. بخلاف الآخرين الذين يأتون ويرحلون ولا يتركون أثراً، بل يتركون أثراً سيئاً. يريدون القفز في الهواء وحرق المراحل والمراكب، ويمدون، عصيهم وحبالهم خارج محيطهم ولا يعدّلون من شراع السفينة، ويزعمون، أنهم عند أمر قائد السفينة! فشلوا وخاب ظنهم، وها هي السفينة ترسو في مرساها بأمان، وثبات. كلمة الشيخ محمد بن زايد، لازمتها روح الأبوة، في مخاطبة أبنائه، مستمدة من معين الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان-طيب الله ثراه- لأن شعور الأبناء بالمحبة من القائد، يقابلها تلقائياً الأبناء بالحب والدعم والترابط، ذلك ما خاطبهم سموه «نحن نتشرف بكم وأنتم حظ بلادكم»، وهذا الكلام فيه ثناء القيادة على أبناء الوطن وحضهم على تعزيز الانتماء له. الرسالة الثانية تتمحور في الوطنية، نحن شركاء في هذا الوطن في سعادته وتقدمه وأمنه وهمومه، أن تكون شريكاً في الوطن، مسؤولية وطنية، لا يعلوها شرف، تستلزم بالضرورة روح التضحية والفداء ليعيش الوطن في أمان وسعادة. ونستدرك هنا قول سموه: «إن حماية بلادنا ليست سُنة، فالدفاع عنها وحمايتها فرض». وتقدم الوطن، يتحقق باكتساب أبنائه المزيد من العلم والمهارات التقنية المتقدمة. وكما شدد سموه «أنه ليس أمامنا خيار، إلا، الاعتماد على النوعية، وسلاحنا هو العلم، ونريد أن ننافس بكم دول العالم المتقدمة التي حققت نجاحات في التنمية البشرية والتعليم والاقتصاد». وأشار إلى أهمية توافر: أولاً الحجم، وثانياً سلاح العلم والاستثمار، وثالثاً القيادة الواعية برؤية واضحة، وخارطة طريق محددة. وقال سموه: «إن رهاننا الحقيقي أنتم يا أبنائي، ولدينا إيمان بأن التقدم في هذه الدولة لن يتم إلا بكم..أنتم أمل هذه البلاد ومستقبلها والسلاح الحقيقي وليس الـ 3 ملايين برميل نفط يومياً، فحين تتسلمون الراية يجب أن تتسلموها وأنتم بخير وعز، ولديكم القدرة على أن ترتفعوا بها». أيما استئناس أن يثني سموه على كتاب أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المعنون بـ«تأملات في السعادة والإيجابية»، وأوصى بقراءته. فيما عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن محاضرة أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سنحولها لبرنامج عمل حكومي. ما نعتز به، هو التفاف الشعب حول قيادته، في وقت تمور الأرض من حولنا موراً.