محظوظون نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة جعلت التعليم رهان السبق لحياة أفضل، نتمناها لأجيال المستقبل، حيث شهد الأسبوع الماضي زحاماً غير مسبوق في منتديات متخصصة كان التعليم محورها، وسأعد نفسي مغرداً خارج السرب إنْ لم أُبدِ إعجابي بجلسات الحوار وحلقات التفاكر التي شهدتها تلك المنتديات، اسمحوا لي أن أذكركم ببعضها، التربية الأخلاقية نغمة جديدة، تعزف عليها ألحان التعليم في الإمارات من أجل جيل عروقه راسخة في قيم مجتمع له أصوله وعقله منفتح لمشارب العلم والمعرفة أينما كانت، ففي ملتقى مديري المدارس الذي اجتمعت فيه خبرات يزيد عددها عن 1300 من مديري المدارس كانت التربية الأخلاقية محور ذلك الحدث، ولأهميته علق سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان في «تويتر» بقوله: يشترك قطاع التعليم مع الثقافة في صياغة المستقبل، وبتعدد الخبرات يتكامل القطاعان في وضع الأسس الاستراتيجية لتطبيق منهج التربية الأخلاقية. وينطلق التعليم من أسس علمية حديثة، واستراتيجيته تتحدد بقدرة منهج التربية الأخلاقية بأن يكون مؤثراً وفاعلاً في تمكين المستقبل ودفع عجلة التنمية، واختتم سموه تغريدته بقوله «الإمارات تضع رهانها الكامل على التعليم». الحدث الثاني في الأسبوع الماضي والمرتبط بالتعليم كان «منتدى الإمارات للسياسات العامة»، هذا اللقاء الذي ناقش على مدى يومين مستقبل التعليم الإماراتي، وفِي جلسة النقلة النوعية في قطاع التعليم في دولة الإمارات. قال معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم العالي (هدفنا الارتقاء بجودة التعليم في الدولة، وتحقيق الأجندة الوطنية والقطاع الخاص شريك أساسي في ذلك، إذا لم نستثمر اليوم في الأجيال برفع معايير الجودة ورفع كفاءة الطلاب، فلن نصل إلى تطلعات القيادة). وأضاف معاليه: «نعمل على توحيد معايير التطوير في المؤسسات التعليمية داخل الدولة». ومن جانبه قال معالي الدكتور علي راشد النعيمي مدير «مجلس أبوظبي للتعليم»: (نحن أمام واقع جديد وتحديات جديدة، تتطلب منا العمل بكل طاقاتنا حتى نواجه المستقبل، والتنوع في التعليم في الإمارات إثراء وفتح خيارات لأولياء الأمور باختيار الأفضل لأبنائهم. وقال معاليه: (الطالب سيقود العملية التعليمية في 2030 والمعلم سيقتصر دوره على التوجيه). أكثر ما أسعدني في هذا اللقاء كانت مشاهد التنسيق التي أبدتها قيادات التربية والتعليم في الدولة بين وزارة التربية و«مجلس أبوظبي للتعليم»، فقد تجلى واضحاً أن الجهتين اتفقتا على معايير مشتركة للمناهج وعمليات التقويم، وهذا أمر مهم في مجتمع يسعى لتحقيق جودة في التعليم تعم ربوع الوطن لأن مخرجات التعليم في كل إمارة لها فرص مشتركة للالتحاق بنفس مؤسسات التعليم العالي في الدولة ومن ثم سوق العمل. الوقفة الثالثة مع «معرض الخليج لحلول ومستلزمات التعليم» والمنتدى المصاحب له، الذي شهد العديد من الفعاليات التي تؤكد عنصر الإبداع في طرق التعليم والتعلم، حيث أضحت التكنولوجيا شريكاً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه في مدارس المستقبل، كان لي شرف إلقاء أكثر من محاضرة في هذا المنتدى، لكن أهمها في تصوري كانت تتمحور حول مستقبل المعلم، حيث طرحت فكرة انقراض المعلم في العالم، لأن البعض يعتقد أن الآلة بإمكانها اليوم القيام بمتطلبات العملية التعليمية، وقد أكدت في هذا اللقاء أن للمعلم أدواراً لا يمكن أن يقوم بها غيره بشرط أن يتكيف المعلم مع المستجدات من حوله، مثل هذه المنتديات كان ينقصها حضور أعداد أكبر من المعلمين والإداريين والمهتمين بالشان التربوي في الدولة، لذلك اقترح على الجهات المختصة تنظيمها في السنة القادمة خلال إجازة شهر أبريل، لأنها فرصة للثراء الفكري ينبغي استثمارها بشكل جدي.