ما إن زالت صدمة خسارة هيلاري كلينتون في الانتخابات الأميركية لصالح المرشح المنافس لها دونالد ترامب، حتى بدأت لعبة اللوم.. بيد أن قرار مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «جيمس كومي» القاضي بإعادة فتح التحقيق في قضية البريد الإلكتروني لمرشحة الحزب الديمقراطي، وتسريبات موقع «ويكيليكس» الإلكتروني، والأخطاء الاستراتيجية لحملتها الانتخابية.. لا تكاد تكون الأسباب الوحيدة التي يُلقى باللوم عليها في خسارة هيلاري، ولا حتى عجز المرشحة عن التواصل مع الناخبين. ويؤكد الصحفي والمؤرخ السياسي «دوج وييد»، أن الهزيمة الانتخابية المريرة لهيلاري لم تكن مفاجأةً، وإنما كانت نتيجة مباشرة للفضائح والأكاذيب والجرائم التي لاحقتها وزوجها على مدار عقود. ويزعم «وييد»، في كتابه الجديد المعنون: «لعبة الأشوك.. القصة الداخلية للحملة الانتخابية الفاشلة لهيلاري كلينتون واستراتيجية فوز دونالد ترامب»، أن فكرة نسيان التاريخ لفضائح آل كلينتون عند انتخاب «هيلاري» رئيسةً، كانت على الدوام «رغبة حمقاء». ويُفصّل «وييد» في كتابه ما وصفه بـ«حجم فساد» آل كلينتون، متهماً هيلاري بعلاقات «مصلحية» مع روسيا أثناء عملها كوزيرة للخارجية، وممارسات عمل غير ملائم مع الصين تعود إلى فترة عمل زوجها كحاكم لولاية أركانساس. وكتب المؤلف أن أكبر اتهام لآل كلينتون بالفساد هو الحصول على تبرعات من مشاهير تم السماح لهم بالمبيت في غرفة نوم «لينكولن» بالبيت الأبيض. ونوّه إلى أن ثمانمئة فرد دفعوا مقابل المبيت في غرفة «لينكولن»، من بينهم مشاهير في «هوليوود» ورجال أعمال، وتراوحت المبالغ التي دفعوها بين 60 ألفاً و410 آلاف دولار. وحاول البيت الأبيض في بداية الأمر توجيه اللوم إلى «تيري ماكوليف»، الذي شارك في إدارة حملة إعادة بيل كلينتون عام 1996، في تدشين عملية جمع أموال عنيفة، تضمنت أيضاً مباريات الجولف وفاعليات شارك فيها الرئيس بيل كلينتون نفسه. وربما كان «ماكوليف» يرغب في التضحية من أجل آل كلينتون، لكن تحت ضغوط، كشف الرئيس عن مستندات ذات صلة أظهرت عدداً كبيراً من الضيوف تم السماح بدخولهم البيت الأبيض، وجميعهم دفعوا تبرعات. ولم تقتصر دعوات المبيت على البيت الأبيض، وإنما بيعت في منتجع «كاب ديفيد» الرئاسي في ريف «ماريلاند»، على بعد 62 ميلاً شمال غرب واشنطن. وبعد وقت طويل من فترة بيل كلينتون الثانية في المنصب، وعلى وجه التحديد بعد زهاء 24 عاماً على كشف فضيحة «غرفة نوم لينكولن»، كان كثير من أولئك الضيوف لا زالوا يتبرعون لآل كلينتون. وبحلول يناير 2016، كان أكثر من نصف ضيوف «غرفة نوم لينكولن» قد تبرعوا بالفعل لحملة هيلاري الرئاسية، أو أيدوا إحدى جماعات العمل السياسي التابعة لها، بحسب «وييد»، الذي أكد أن حجم التبرعات من ذلك «العالم الصغير» بلغت 1.15 مليون دولار. وأفاد الكتاب بأن تلك التبرعات جاءت في الوقت ذاته التي تدفقت فيه أموال حكومات أجنبية إلى خزائن اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي. وتعود قصة الحصول على مساعدات مالية من حكومات أجنبية إلى قصة غير مشهورة حول علاقة هيلاري وبيل كلينتون بالصين، بدأت في مطعم «فو لين» الصيني في ولاية أركانساس، أثناء تولي بيل منصب الحاكم، إذ أدى تردد الحاكم على المطعم لتناول الغداء إلى علاقة «صداقة» مع «تشارلز ياه لين تري»، أحد طهاة المطعم، والذي أصبح في نهاية المطاف أحد ملاكه. وارتفعت أسهم «بيل» و«تري»، الذي أصبح شخصية مهمة، وكذلك أصبح أحد الداعمين الماليين البارزين لـ«بيل»، عندما انتقل آل كلينتون إلى بنسلفانيا في 1991، قبل أن ينتقل الطرفان إلى واشنطن، حيث فتح «تري» أعمالاً تجارية في العاصمة. وعلم مكتب «التحقيقات الفيدرالية» أن المصدر الوحيد لدخل شركة «تري» كان من حسابات بنكية في هونج كونج و«ماكاو» باسم «نج لاب سينج». وساعد «تري» على جمع تبرعات بقيمة 220 ألف دولار للحزب الديمقراطي، ودفع مئة ألف دولار لمقعد في احتفال التنصيب الرئاسي وكان ضيفه «نج لاب سينج». وتعجب كثير من «الديمقراطيين البارزين» كيف أصبح طاه في مطعم أحد كبار المسؤولين في شركة كبرى، وهل قبل الرئيس والحزب الديمقراطي هبات أجنبية غير قانونية؟ وتساءلوا حول ماهية الزوار الصينيين الكثيرين إلى المكتب البيضاوي. وكتب «وييد» أنه في عام 1996 الذي أعيد فيه انتخاب بيل كلينتون، أحضر «تري» رجلاً آخر، يدعى «وانج جون» معه لتناول القهوة مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض. وكان «جون» يترأس اتحاد شركات استثمارية تمتلكه جمهورية الصين الشعبية، يشمل شركة تجارة أسلحة مملوكة للجيش الصيني. وتوصل مكتب التحقيقات الفيدرالية، من خلال عمليات مراقبة، إلى أن الصينيين حاولوا التأثير من أجل إعادة انتخاب بيل كلينتون، بأموال وخطة «ادفع لتلعب» القديمة التي أتت أكلها بشكل جيد، بحسب المؤلف. وغادر «تري» البلاد أثناء تحقيق أجراه الكونجرس، وكذلك «نج لاب سينج»، بعد الاشتباه في أن الصين دفعت أموالاً من خلاله لتمويل حملة إعادة انتخاب كلينتون، وبفراره، لم تكن هناك إجابات. والمفارقة أن «نج لاب سينج» ظهر مرة أخرى في مدينة نيويورك عام 2016 أثناء الجدل بشأن تجسس روسيا على رسائل البريد الإلكتروني في الحزب الديمقراطي، وسرعان ما ألقي القبض عليه واتهامه بإحضار حقائب مليئة بالدولارات لرشوة مسؤولين في الأمم المتحدة. وأكد «وييد» أنه أعيد فتح التحقيق، لكن وسائل الإعلام المحلية تجاهلت الخبر وعتمت عليه. ونوّه المؤلف إلى أن «تري» لم يكن وحده، مضيفاً: «كانت هناك تدفقات متنوعة من الأموال الأجنبية تبحث عن طريقها لآل كلينتون». ومن جانبه، اعتبر المؤلف أن دونالد ترامب أعاد تعريف السياسة المعاصرة، واستخدم أساليبه القوية التي انتهجها في بناء إمبراطوريته التجارية. ولفت إلى أن ترامب لجأ إلى أسلوب «الوسم»، الذي تعلمه من خلال برنامجه التلفزيوني «ذي أبرنتيس»، عندما وصف منافسته بـ«هيلاري الفاسدة»! وائل بدران الكتاب: لعبة الأشواك المؤلف: دوج وييد الناشر: سنتر ستريت تاريخ النشر: 2017