أدركت قيادتنا الرشيدة منذ وقت مبكر الخطر الذي يمكن أن يهدد المجتمعات في حالة غياب القيم والأخلاق، التي هي أساس بناء الأوطان وتنشئة الأجيال، ولهذا دأبت على نشر قيم الخير والوسطية وقبول الآخر والحوار في عقول النشء والشباب، واستهدفت الأجيال الناشئة منذ بدء المسيرة التعليمية، حتى تستطيع تنشئة الأفراد منذ وقت مبكر على منظومة القيم النبيلة والأخلاق الحميدة؛ لأن الدور الأساسي في التربية الأخلاقية يقع على كاهل مؤسسات التعليم؛ لأنها تتعامل مع النشء والشباب في مرحلة من أخطر المراحل العمرية. وتعددت جهود الدولة في هذا الاتجاه من خلال مبادرات وخطط ورؤى عدة، كان من أبرزها وأحدثها مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، والتي تعد الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، بإطلاق مادة «التربية الأخلاقية» في المدارس التي تستهدف ترسيخ وتعزيز استدامة تاريخ الإمارات الإسلامي الإنساني الأصيل بين أبنائها، وتأتي استكمالاً للمنظومة التعليمية في الدولة التي تهدف إلى بناء الطالب في مختلف الجوانب. وفي إطار تعاون جميع فئات وهيئات ومؤسسات المجتمع لتفعيل تطبيق مادة «التربية الأخلاقية» على مستوى جميع مدارس الدولة، أقيمت الاثنين الماضي في دبي، بحضور سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فعاليات الدورة الأولى من «ملتقى مديري المدارس» تحت شعار «نحو بلورة مستقبل التربية الأخلاقية في دولة الإمارات»، الذي يشكل منصة تعاونية لقيادات قطاع التعليم. وقال سموه في هذه المناسبة: «ينطلق التعليم من أسس علمية حديثة، واستراتيجية تتحدد بقدرة منهج التربية الأخلاقية بأن يكون مؤثراً وفاعلاً في تمكين المستقبل ودفع عجلة التنمية». وختم سموه بالقول: «شهد اليوم محطة حاسمة على طريق تطبيق منهج التربية الأخلاقية.. الإمارات تضع رهانها الكامل على التعليم وسوف تحقق القفزة المطلوبة». وقد جمع الملتقى، الذي نظمته «لجنة التربية الأخلاقية» التي تضم كلاً من ديوان ولي عهد أبوظبي، ووزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم، وهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، للمرة الأولى، كبار المسؤولين الحكوميين في قطاع التعليم ومديري 1300 مدرسة حكومية وخاصة، هي إجمالي عدد المدارس العاملة في الإمارات، بهدف التباحث ووضع الخطط والتوصيات لتطبيق منهج «التربية الأخلاقية» في جميع مدارس الدولة. وشمل الملتقى العديد من الفعاليات التي من شأنها المساهمة في تحويل مستقبل التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقام مديرو المدارس الـ19 التي بدأ تطبيق المرحلة التجريبية من منهج التربية الأخلاقية فيها في يناير الماضي، بالعمل معاً لمشاركة أبرز الدروس المستفادة وأفضل الممارسات، وركزت فعاليات الملتقى على الدور المحوري للمديرين والمعلمين لمساعدة الجميع على إدراك المعنى الأصيل والقيمة الحقيقية للتربية الأخلاقية، وكيف يمكن للتربويين تعزيز خصال الإبداع والابتكار والتواصل لدى الطلبة، مع تسليط الضوء على الركائز الأساسية الأربع للمناهج، والتي تتكون من: الشخصية والأخلاق، الفرد والمجتمع، الدراسات المدنية، والدراسات الثقافية. وتعكس مبادرة «التربية الأخلاقية» الرؤية التي تتبناها القيادة الرشيدة لدولة الإمارات التي تتخذ من الابتكار عماداً أساسياً لتطوير العملية التعليمية، وقد تم إعداد منهج التربية الأخلاقية ليشمل مختلف المفاهيم والتعاليم التربوية التي تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، وتراثنا وهويتنا الأصيلة، كما أنه صُمم ليناسب الطلبة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة من مختلف الأعمار والجنسيات والخلفيات الثقافية والعرقية. ويكمن تميز التجربة الإماراتية في النمو المستدام في تحقيق متطلبات العولمة من دون الإخلال بالأساس الأخلاقي، وهذا هو النهج الذي أسس له الوالد والمعلم الحكيم المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك منذ نشأة الاتحاد أن أهم عناصر الثروة الوطنية هو بناء الإنسان المتسلح بالأخلاق والقيم، لضمان استدامة النمو والحفاظ على ما وصلت إليه الإمارات من مكانة، وقد استطاعت الإمارات بالفعل تخطي العقبات التي تقف في طريقها للتنمية بفضل تسلحها بالعلم والأخلاق معاً. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية