توشك جهود إدارة ترامب الفتية بخصوص بدء عملية دبلوماسية جديدة في الشرق الأوسط على مواجهة صعوبات كبيرة في الداخل، حيث يريد كثيرون في الكونجرس إلغاء كل المساعدات الأميركية للفلسطينيين بسبب الأموال التي يدفعونها للأشخاص الذين يهاجمون إسرائيليين. وقريبا سيتعين على الرئيس ترامب أن يقرر ما إن كانت مواجهة الفلسطينيين حول ذلك التحريض على الإرهاب أكثر أهمية وإلحاحاً من السير في طريق السلام. ترامب أجرى مكالمته الهاتفية الأولى مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم الجمعة، وهذا الأسبوع يتوجه مستشار الشؤون الإسرائيلية في البيت الأبيض جايسون جرينبلات إلى المنطقة، وعلى رأس أجندته مسألة ما إن كان ينبغي على الحكومتين الأميركية والإسرائيلية تكثيف الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تكف عن دفع المال لعائلات الفلسطينيين الذين يُسجنون أو يُقتلون بعد مهاجمة مدنيين إسرائيليين أو أميركيين، وهي عملية تعتقد الحكومتان أنهما تشجع على العنف. ويدفع جمهوريون في مجلسي الكونجرس حاليا بتشريع من شأنه قطع كل المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية، والتي بلغت أكثر من 300 مليون دولار في السنة المالية 2016، إذا لم تتوقف «منظمة التحرير الفلسطينية» عن مكافأة عائلات المهاجمين. ومشروع القانون هذا ليس جديداً، لكن رعاته يعتقدون أن فوز ترامب يقوي موقفهم. وفي هذا الإطار، يقول العضو الجمهوري البارز في لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ، ليندزي جراهام: «لقد تقدمنا بمشروع القانون العام الماضي. وهذا العام سنقوم بتمريره. والرئيس ترامب سيوقعه». ويحاجج جراهام بأن قطع المساعدات الأميركية عن السطة الفلسطينية هو الطريق الوحيد للفت انتباه عباس والضغط عليه ليقوم بتفكيك ما بات يمثل بيروقراطية متضخمة تسهر على تعويض عائلات الشبان الفلسطينيين الذين ينفذون هجمات ضد إسرائيل. البيت الأبيض لم يرد على طلب التعليق على هذا الموضوع، لكن ثمة مؤشرات على أن ترامب قد يوافق على الفكرة. ذلك أن مسؤولي إدارته يركزون على التحريض على الإرهاب في تصريحاتهم العلنية. كما أن البيت الأبيض يقترح حاليا تقليصاً كبيراً لكل أنواع المساعدات الأميركية الموجهة للخارج، والمساعدات الموجهة للفلسطينيين تمثل هدفاً سهلا. والواقع أن الديمقراطيين يشيرون إلى خطر زعزعة استقرار السلطة الفلسطينية في حال قطع المساعدات عنها، حيث يقول العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بنجامن كاردن: «إننا لن نتخذ خطوات تعرِّض أمن التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية للخطر، وهذا أمر في غاية الأهمية». غير أنه حتى بعض المعروفين بدفاعهم الطويل عن ضرورة إنشاء مؤسسات فلسطينية، باتوا يؤيدون فكرة وقف المساعدات. وفي هذا السياق، يقول إليوت أبرامز، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية: «إننا نقوم بالشيء نفسه منذ عقود، لكنه لم يغير الثقافة السياسية الفلسطينية، والحال أن تلك الثقافة السياسية لابد من تغييرها إذا كنا نرغب في السلام». روبرت دانن، المفاوض السابق في الشرق الأوسط والباحث بمجلس العلاقات الخارجية حالياً، يرى أن تشريع جراهام يمثل أداة جد فضفاضة، لكنها يمكن أن تكون مفيدة في الضغط والتأثير، عندما تظهر استراتيجية أكثر شمولية، إذ يقول: «إن هذا النوع من الأدوات قد يكون أكثر فعالية في تسجيل الغضب والاستياء منه في تحقيق أي أهداف تتعلق بالسياسات، بما في ذلك الأهداف التي تتحدث عنها إدارة ترامب». بيد أنه من المستبعد أن ترد السلطة الفلسطينية على قطع المساعدات بتغيير سياساتها، يقول معن عريقات، ممثل «منظمة التحرير الفلسطينية» في واشنطن، وذلك على اعتبار أن الأموال التي تدفعها تمثل إعانات اجتماعية للعائلات التي فقدت معيليها بسبب النزاع. ويقول معن: «إن استهداف الزعامة الفلسطينية لن يكون مفيداً، لأنك في حاجة لسلطة فلسطينية مستقرة من أجل مواصلة عملية سلام، إذا كنت تريد لعملية السلام تلك أن تنجح». واللافت أن إدارة ترامب أخذت تدرك ببطء، ولكن بشكل أكيد، أن الكثير من أفكار حملتها الانتخابية، مثل نقل السفارة الإسرائيلية في إسرائيل إلى القدس، أكثر تعقيداً حين النظر إليها مقارنة مع الحاجة إلى التعامل ليس مع إسرائيل والفلسطينيين فحسب، ولكن أيضاً الجيران العرب الذين يُعتبرون حلفاء مهمين للولايات المتحدة. وبالنسبة لترامب، فإن الأمر يعود في النهاية إلى مسألة «الأولويات» في مقابل «المبادئ»، ذلك أن قطع كل المساعدات الأميركية عن الفلسطينيين الآن لن يساعده على عقد ما يصفها ب«الصفقة الأكبر». جوش روجن: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»