قرأت منذ أيام قليلة تقريراً مطوّلاً عن خطورة «دودة الحشد» التي تأتي على المزروعات أثناء مواسم الحصد وجني الثمار لإطعام البشر مما لذّ وطاب، وقد حذرت منظمة «الفاو» من ضرورة الانتباه إلى هذه «الدودة المحشودة» التي تهدف إلى تدمير ما يسد رمق الإنسان في أكثر احتياجاته للبقاء على قيد الحياة. ولفت التقرير نظري إلى دودة أخطر من هذه تتمثل فيما سميَّته «دودة الحشد الطائفية» التي لم تترك البلاد التي احتشدت فيها ولا العباد أحياء، بل أيضاً أمواتاً غير أحياء وأحياء غير أموات! أليست هذه أخطر عندما نرى أثر هذه «الدودة الطائفية المحشودة» ضد استئصال المسلمين فقط لا لأنهم من طوائف أخرى وهو جرم يفوق الجرائم التي تصنف ضد الإنسانية بشاعة وفظاعة، لأن الإنسان لا يملك هذه الجلدة وإن قام الديدان «الطائفيون» المحشودون لهذه المهمة القذرة بسلخها ممن يعتبرونهم من ألد أعدائهم التاريخيين! تتركز أماكن تواجد هذه «الديدان الطائفية» حالياً في العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، وإيران التي تعد الوقود الذي يشعل تلك الجبهات السائلة من شدة سخونتها وغزارة الدماء البريئة التي ساحت على تلك المجازر المقززة بيد «الديدان الطائفية» المحشودة لإتمام رسالتها النتنة. هذا هو الحصاد الأولي لهجمات تلك الديدان القذرة على بني الإنسان الذي يستحيل لهذا السلاح أن ينزع منه فكره الذاتي أو دينه الطبيعي ولو بقوة المنجل والمطرقة، كما فعلت الحشود الشيوعية من قبل، فانهارت دولتها، وتشتت شملها، وذهب أهلها كل يبحث عن دويلة تحميه من ذات المنجل والمطرقة في زمن تكسرت فيه حواجز العقول وسلاسل النفوس وتقييد الأفكار عن التحليق خارج السرب. فالمحشودون بوقود الطائفية المأفونة يريدون إحياء التراث البغيض لهولاكو الذي جمع جماجم الأبرياء في وسط بغداد كالجبال الراسيات وملأ أنهار دجلة والفرات بمزيد من ماء الدماء بدلاً من الأنهار التي أمدت الإنسانية حضارة وثقافة وعلماً وحكمة. ومع دخول «داعش» و«القاعدة» سابقاً ولاحقاً وبقية التيارات التي تلبست لبوس الإسلام ومن خلفهم «الحوثيون»، ومن يشد على أيديهم جميعاً من الدول والأحزاب والمنظمات التي تصفق لهم، يزداد عمل «دودة الحشد الطائفية» شراسة وانتقاماً من بني الإنسان، رغم تكريم رب العالمين لهم من فوق سبع سماوات، إلا أن هؤلاء آذانهم صماء عن سماع هذا النداء الأزلي، وبصائرهم عمياء عن رؤية الصواب، وعقولهم سقيمة وأفكارهم عفنة، ونفوس سائمة وبائسة لا ترى الحياة إلا بمنظار الموت. لقد تكالب العالم أجمع لاستئصال «دودة الحشد الطائفية» قبل أن تتحول إلى آفة بشرية كالطاعون الذي خطف ملايين الملايين على مر السنين ومع ذلك استطاع العالم القضاء عليه بفضل العلم والبحث الدؤوب في الصحة والسلامة الإنسانية من كل الأدواء. فالعالم اليوم في تحدٍّ أكبر من هذا السرطان الطائفي الذي هو على غير استعداد لتقبل أي تطعيم فكري رشيد يعيد إلى التائهين دروب السلامة الفكرية والرشادة الدينية من أي طائفة كانوا ومن أي جنس ولدوا ومن أي لون صبغوا، فهل آن أوان اكتشاف علاج مناسب للتخلص من هذه «الدودة الطائفية» المحشودة ضد البشرية والإنسانية؟!